للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الآية التي بعد الخبر عن خلق آدم وبيانِهِ في قوله (١) . (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) [سورة البقرة: ٤٠] . وخطابه إياهم جلّ ذكره بالوفاء في ذلك خاصّة دون سائر البشر (٢) - ما يدل على أن قوله:"الذين ينقضُون عَهدَ الله من بعد ميثاقه" مقصودٌ به كفارهم ومنافقوهم، ومن كان من أشياعهم من مشركي عبدة الأوثان على ضلالهم. غيرَ أنّ الخطاب - وإن كان لمن وصفتُ من الفريقين - فداخلٌ في أحكامهم، وفيما أوجبَ الله لهم من الوعيد والذم والتوبيخ، كلّ من كان على سبيلهم ومنهاجهم من جميع الخلق وأصناف الأمم المخاطبين بالأمر والنهي.

فمعنى الآية إذًا: وما يُضِلّ به إلا التاركين طاعةَ الله، الخارجين عن اتباع أمره ونهيه، الناكثين عهود الله التي عهدها إليهم، في الكتب التي أنزلها إلى رُسله وعلى ألسن أنبيائه، باتباع أمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وطاعة الله فيما افترض عليهم في التوراة من تبيين أمره للناس، وإخبارِهم إياهم أنهم يجدونه مكتوبًا عندهم أنه رسولٌ من عند الله مفترضةٌ طاعتُه، وترك كتمان ذلك لهم (٣) . ونكثُهم ذلك ونقضُهم إياه، هو مخالفتهم الله في عهده إليهم - فيما وصفتُ أنه عهد إليهم - بعد إعطائهم ربهم الميثاقَ بالوفاء بذلك. كما وصفهم به ربنا تعالى ذكره بقوله: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ) . [سورة الأعراف: ١٦٩] .


(١) في المطبوعة"عن خلق آدم وأبنائه في قوله"، وهو خطأ محض. وقوله"وبيانه"، مجرور معطوف على قوله: "وفي الآية التي بعد الخبر. . " أي، "وفي بيانه في قوله:. . ".
(٢) قوله: "وخطابه" مجرور معطوف على قوله: "وفي الآية. . " و"وبيانه. . " كما أسلفنا في التعليق قبله. وفي المطبوعة: "في ذلك خاصة". ولست بشيء.
(٣) هكذا في الأصول، ولعل الأجود أن يقول: وترك كتمان ذلك عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>