للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨٧٢٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرني أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال، حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به قال، نظرت فإذا أنا بقوم لهم مَشافر كمشافر الإبل، وقد وُكِّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخرًا من نار يخرج من أسافلهم، قلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال، هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا". (١) .

٨٧٢٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرًا" قال، قال أبي: إن هذه لأهل الشرك، حين كانوا لا يورَّثونهم، ويأكلون أموالهم.

* * *

وأما قوله:"وسيصلون سعيرًا"، فإنه مأخوذ من"الصَّلا" و"الصلا" الاصطلاء بالنار، وذلك التسخن بها، كما قال الفرزدق: (٢)

وَقَاتَلَ كَلْبُ الْحَيِّ عَنْ نَارِ أهْلِهِ ... لِيَرْبِضَ فِيهَا وَالصَّلا مُتَكنَّفُ (٣)


(١) الأثر: ٨٧٢٣ -"أبو هارون العبدي" هو: "عمارة بن جوين". روى عن أبي سعيد الخدري وابن عمر. وهو ضعيف، وقالوا: كذاب. قال الدارقطني: "يتلون، خارجي وشيعي" وقال ابن حبان: "كان يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب". مترجم في التهذيب.
والأثر أخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٠، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٤ ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٢) في اللسان"صلا" ١٩: ٢٠١، ٢٠٢، منسوبًا لامرئ القيس، وهو خطأ يصحح.
(٣) ديوانه: ٥٦٠، النقائض: ٥٦١، اللسان (صلا) ، ومضى بيت من هذه القصيدة فيما سلف ٣: ٥٤٠. وهذا البيت من أبيات يصف فيها أيام البرد والجدب، ويمدح قومه، يقول في أولها: إذَا اغْبَرَّ آفَاقُ السَّمَاء وَكَشَّفَتْ ... كُسُورَ بُيُوتِ الْحَيِّ حَمْرَاءُ حَرْجَفُ
وَأَوْقَدَتِ الشِّعْرَى مَعَ اللَّيْلِ نَارَهَا ... وَأَمْسَتْ مُحُولا جِلْدُهَا يَتَوَسَّفُ
وَأَصْبَحَ مَوْضُوعُ الصَّقِيع كَأَنَّهُ ... عَلَى سَرَوَاتِ النِّيْبِ قُطْنٌ مٌنَدَّفُ
وَقَاتَلَ كَلْبُ الْحَيِّ........ ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَدْتَ الثَّرى فِينَا، إذَا يَبِسَ الثَّرَى ... وَمَنْ هُوَ يَرْجُو فَضْلَهُ الْمُتَضَيِّفُ
و"إذا اغبر آفاق السماء"، جف الثرى، وثار غبار الأرض من المحل وقلة المطر. والحرجف: الريح الشديدة الهبوب. و"الشعرى" تطلع في أول الشتاء، و"أوقدت نارها" اشتد ضوءها، وذلك إيذان بشدة البرد. ومحول جمع محل: وهو المجدب. و"يتوسف" يتقشر. و"جلدها" يعني جلد السماء، وهو السحاب. يقول: لا سحاب فيها، وذلك أشد للبرد في ليل الصحراء. و"الصقيع" الجليد، و"النيب" مسان الإبل. و"سروات الإبل" أسنمتها. يقول: وقع الثلج على أسنمتها كأنه قطن مندوف. و"قاتل كلب الحي عن نار أهله"، يقاتلهم على النار مزاحمًا لهم من شدة البرد، يريد أن يجثم في مكان، و"الصلا" النار، و"متكنف" قد اجتمعوا عليه وقعدوا حوله. وقوله: "وجدت الثرى فينا"، يقول: من نزل بنا وجد خصبًا وكرمًا في هذا الزمان الجدب، إذ ذهبت ألبان الإبل واحترق الزرع. يقول: يجد الضيف عندنا ما يكفيه، فنحن غياث له.

<<  <  ج: ص:  >  >>