للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورفع قوله:"مثل" بالصفة، (١) وهي"اللام" التي في قوله:"للذكر"، ولم ينصب بقوله:"يوصيكم الله"، لأن"الوصية" في هذا الموضع عهد وإعلامٌ بمعنى القول، و"القول" لا يقع على الأسماء المخبر عنها. (٢) فكأنه قيل: يقول الله تعالى ذكره لكم: في أولادكم للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.

* * *

قال أبو جعفر: وقد ذكر أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، تبيينًا من الله الواجبَ من الحكم في ميراث من مات وخلّف ورثة، على ما بيَّن. لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده، ممن كان لا يلاقي العدوَّ ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية. فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلفه الميت بين من سَمَّى وفرض له ميراثًا في هذه الآية، وفي آخر هذه السورة، فقال في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم: لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.

ذكر من قال ذلك:

٨٧٢٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الأنثيين"، كان أهل الجاهلية لا يورِّثون الجواريَ ولا الصغارَ من الغلمان، لا يرث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر، وترك امرأة يقال لها أم كجَّة، وترك خمس أخواتٍ، فجاءت الورثة يأخذون ماله، فشكت أم كجَّة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:


(١) "الصفة"، هي حرف الجر، وانظر ما سلف ١: ٢٩٩، تعليق: ١، وفهارس المصطلحات في الأجزاء السالفة.
(٢) "الوقوع"، هو التعدي إلى المفعول، كما سلف ٤: ٢٩٣، تعليق: ١، وفهارس المصطلحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>