للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) على مذهب ما قد سُمِّي فاعله، لأن الآية كلها خبر عمن قد سمي فاعله. ألا ترى أنه يقول:"ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان لا ولد"؟ فكذلك الذي هو أولى بقوله:"يوصي بها أو دين"، أن يكون خبرًا عمن قد سمي فاعله، لأن تأويل الكلام: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد = من بعد وصية يوصي بها أو دين = يُقضى عنه.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"آباؤكم وأبناؤكم"، هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميِّتكم فيهم على ما سمي لكم وبيَّنه في هذه الآية - آباؤكم وأبناؤكم (١) ="لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، يقول: أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتُكم أن تعطوهموها، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعًا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم.

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا".


(١) سياق هذه الجملة: "هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم ... آباؤكم وأبناؤكم"، يريد إعراب"آباؤكم وأبناؤكم"، وأنه خبر لمبتدأ محذوف. ولم يشر أحد من المفسرين إلى هذا الإعراب. بل قال القرطبي في تفسيره: "رفع بالابتداء، والخبر مضمر، تقديره: هم المقسوم عليهم، وهم المعطون". وقال الألوسي في تفسيره: "الخطاب للورثة، وآباؤكم مبتدأ، وأبناؤكم معطوف عليه، ولا تدرون مع ما في حيزه خبر له". وكذلك قال العكبري في إعراب القرآن ١: ٩٤. وأجود القول ما قال أبو جعفر في سياق هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>