للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرأة، ثم جمعهما جميعًا فقال:"واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابًا رحيما".

٨٨١٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح قال، قال عطاء وعبد الله بن كثير، قوله:"واللذان يأتيانها منكم"، قال: هذه للرجل والمرأة جميعًا.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله:"واللذان يأتيانها منكم"، قول من قال:"عُني به البكران غير المحصنين إذا زنيا، وكان أحدهما رجلا والآخر امرأة"، لأنه لو كان مقصودًا بذلك قصد البيان عن حكم الزناة من الرجال، كما كان مقصودًا بقوله:"واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم" قصد البيان عن حكم الزواني، لقيل:"والذين يأتونها منكم فآذوهم"، أو قيل:"والذي يأتيها منكم"، كما قيل في التي قبلها:"واللاتي يأتين الفاحشة"، فأخرج ذكرهن على الجميع، ولم يقل:"واللتان يأتيان الفاحشة".

وكذلك تفعل العرب إذا أرادت البيان على الوعيد على فعل أو الوعد عليه، أخرجت أسماءَ أهله بذكر الجميع أو الواحد = وذلك أن الواحد يدل على جنسه = ولا تخرجها بذكر اثنين. فتقول:"الذين يفعلون كذا فلهم كذا"،"والذي يفعل كذا فله كذا"، ولا تقول:"اللذان يفعلان كذا فلهما كذا"، إلا أن يكون فعلا لا يكون إلا من شخصين مختلفين، كالزنا لا يكون إلا من زانٍ وزانية. فإذا كان ذلك كذلك قيل بذكر الاثنين، يراد بذلك الفاعل والمفعول به. فأما أن يذكر بذكر الاثنين، والمراد بذلك شخصان في فعل قد ينفرد كل واحد منهما به، أو في فعل لا يكونان فيه مشتركين، فذلك ما لا يُعْرف في كلامها.

وإذا كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ فسادُ قول من قال:"عني بقوله:"واللذان يأتيانها منكم الرجلان" = وصحةُ قول من قال: عني به الرجل والمرأة. (١)


(١) قوله: "وصحة قول من قال" معطوف على قوله"فساد قول من قال" مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>