للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ما سلف منه، وعزمٍ منه على ترك المعاودة، (١) وهو يعقل الندم، ويختار ترك المعاودة: فأما إذا كان بكرب الموت مشغولا وبغمّ الحشرجة مغمورًا، فلا إخالُه إلا عن الندم على ذنوبه مغلوبًا. ولذلك قال من قال:"إن التوية مقبولة، ما لم يغرغر العبد بنفسه"، (٢) فإن كان المرء في تلك الحال يعقل عقلَ الصحيح، ويفهم فهم العاقل الأريب، فأحدث إنابة من ذنوبه، ورجعةً من شروده عن رَبه إلى طاعته، كان إن شاء الله ممن دخل في وعد الله الذي وعد التائبين إليه من إجرامهم من قريب بقوله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب".

* * *

القول في تأويل قوله: {فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (٣) "فأولئك"، فهؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ="يتوب الله عليهم"، دون من لم يتب حتى غُلب على عقله، وغمرته حشرجة ميتته، فقال وهو لا يفقه ما يقول:"إني تبت الآن"، خداعًا لربه، ونفاقًا في دينه.

* * *


(١) في المطبوعة: "إلا ممن ندم على ما سلف منه، وعزم فيه على ترك المعاودة"، تصرف فيما كان في المخطوطة، لما رأى من تحريفها، وكان فيها: "إلا من ندم على ما سلف منه، وعرف فيه على ترك المعاودة"، والجملة الأولى مستقيمة، وقد أثبتها، والثانية تصحيف صواب قراءته ما أثبت.
(٢) قوله: "ولذلك قال من قال"، دال على أن أبا جعفر. حين روى الأحاديث الثلاثة المرسلة: ٨٨٥٧ -٨٨٥٩، لم يكن عنده ما صح من رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة"يعني بذلك جل ثناؤه"، والسياق يقتضي ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>