للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي من أجله بطل أن تكون [لهم] توبة، (١) واحدٌ. وفي تفرقة الله جل ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم، بأن سمَّى أحد الصنفين كافرًا، ووصف الصنف الآخر بأنهم أهل سيئات، ولم يسمهم كفارًا = ما دل على افتراق معانيهم. وفي صحة كون ذلك كذلك، صحةُ ما قلنا وفسادُ ما خالفه.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولا التوبة للذين يموتون وهم كفار = فموضع"الذين" خفض، لأنه معطوف على قوله:"للذين يعملون السيئات". (٢)

وقوله:"أولئك أعتدنا لهم عذابًا أليما"، يقول: هؤلاء الذين يموتون وهم كفار ="أعتدنا لهم عذابًا أليما"، لأنهم من التوبة أبعد، لموتهم على الكفر. (٣) كما:-


(١) في المخطوطة بعد قوله: "معنى مفهوم" ما نصه: "لأنهم إن كانوا الذين قبلهم في معنى واحد، من أن جميعهم كفار. ولا وجه لتفريق أحكامهم والمعنى الذي من أجله بطل أن تكون توبة واحد"، وهي عبارة مضطربة أشد الاضطراب، إلا أن الناسخ ضرب بقلم خفيف على لام"لأنهم"، فتبين لي أن الذي بعدها"إذ كانوا الذين قبلهم"، وسقطت الواو من الناسخ الساهي عن كتابته. وسها أيضًا فأسقط"لهم" التي وضعتها بين القوسين. فاستقام الكلام كالذي كتبت.
أما ناشر المطبوعة الأولى فقد أساء غاية الإساءة، فجعل الجملة هكذا: "لأنهم إن كانوا هم والذين قبلهم في معنى واحد: من أن جميعهم كفار. فلا وجه لتفريق أحد منهم في المعنى الذي من أجله بطل أن تكون توبة واحد مقبولة" فلم ينتبه لما ضرب عليه الناسخ في"لأنهم" وزاد في"كانوا الذين قبلهم" فجعلها"كانوا هم والذين قبلهم". ثم جعل"ولا جه"، "فلا وجه" وجعل"أحكامهم"، "أحد منهم" ثم جعل"والمعنى""في المعنى" وزاد"مقبولة" من عنده في آخر الكلام، فأفسد الكلام إفسادًا آخر. ورحم الله أبا جعفر، وغفر لناسخ كتابه، والحمد لله الذي هدى إلى الصواب.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٩.
(٣) وهذا أيضًا عبث آخر من ناشر المطبوعة الأولى، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة فقلب هذه الجملة قلبًا أهدر معناها، واستأصل المعنى الذي أراده أبو جعفر، فكتب: "لأنهم أبعدهم من التوبة كونهم على الكفر" ظن"لمونهم" كما كتبها الناسخ، "كونهم"، فعبث بالكلام عبثًا لا يرتضيه أحد من أهل العلم. وانظر نص الكلام في الأثر الذي يليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>