للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكم أن ترثوا نكاحَ نساء أقاربكم وآبائكم كَرْهًا. (١)

* * *

فإن قال قائل: كيف كانوا يرثونهن؟ وما وجه تحريم وراثتهن؟ فقد علمت أن النساء مورثات كما الرجال مورثون!

قيل: إن ذلك ليس من معنى وراثتهن إذا هن مِتن فتركن مالا وإنما ذلك أنهن في الجاهلية كانت إحداهن إذا مات زوجها، كان ابنه أو قريبُه أولى بها من غيره، ومنها بنفسها، إن شاء نكحها، وإن شاء عضلها فمنعها من غيره ولم يزوّجها حتى تموت. فحرّم الله تعالى ذلك على عباده، وحظَر عليهم نكاحَ حلائل آبائهم، ونهاهم عن عضلهن عن النكاح.

* * *

وبنحو القول الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

٨٨٦٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أسباط بن محمد قال، حدثنا أبو إسحاق = يعني: الشيباني =، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن"، قال: كانوا إذا مات الرجل، كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوّجوها، وإن شاؤوا لم يزوّجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك. (٢)


(١) انظر تفسير"الكره" فيما سلف ٤: ٢٩٧، ٢٩٨ / ٦: ٥٦٥.
(٢) الأثر: ٨٨٦٩ "أبو إسحاق الشيباني"، هو: سليمان بن أبي سليمان، مضت ترجمته برقم: ١٣٠٧، ٣٠٠٣، ٣٠٢٣.
وهذا الأثر أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح ٨: ١٨٤) ، والبيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٣٨، وأبو داود في سننه ٢: ٣١٠ رقم: ٢٠٨٩، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٣١، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، والنسائي وابن أبي حاتم. وقد استوفى الحافظ ابن حجر الكلام فيه في الفتح وانظر تفسير ابن كثير ٢: ٣٨١٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>