للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جُناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" = ثم قال:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" ="ولا تنكِحوا ما نَكح آباؤكم من النساء". (١)

* * *

قال أبو جعفر: فكل هؤلاء اللواتي سَمَّاهن الله تعالى وبيَّن تحريمَهن في هذه الآية، مُحَرَّمات، غيرُ جائز نكاحُهن لمن حَرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك: إلا في أمهات نسائِنا اللواتي لم يدخُلْ بهن أزواجُهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدِّمين من الصحابة: إذا بانت الابنة قبلَ الدخول بها من زوجها، هل هُنّ من المُبْهمات، أم هنّ من المشروط فيهن الدخول ببناتهنّ؟

فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المُبهمات، (٢) وحرام على من


(١) الأثر: ٨٩٥٠ -"عمرو بن سالم"، هو: "أبو عثمان الأنصاري" قاضي مرو، مختلف فيه وفي اسم أبيه اختلاف كثير. وقيل: "اسمه كنيته"، وهو مشهور بكنيته، ولكن الطبري جاء به غير مكنى باسمه واسم أبيه.
(٢) "المبهمات" هن من المحرمات: ما لا يحل بوجه ولا سبب كتحريم الأم والأخت وما أشبهه. وقال القرطبي في تفسيره (٥: ١٠٧) : "وتحريم الأمهات عام في كل حال، لا يتخصص بوجه من الوجوه، ولهذا يسميه أهل العلم: (المبهم) ، أي لا باب فيه ولا طريق إليه، لانسداد التحريم وقوته". وسأسوق لك ما قاله الأزهري في تفسيرها قال: "رأيت كثيرًا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه، وهو إشكاله = وهو غلط. قال: وكثير من ذوي المعرفة لا يميزون بين المبهم وغير المبهم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
قال: ولما سئل ابن عباس عن قوله: "وأمهات نسائكم" ولم يبين الله الدخول بهن، أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم، الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء دخلتم بالنساء أو لم تدخلوا بهن. فأمهات نسائكم حرمن عليكم من جميع الجهات.
وأما قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، فالربائب ههنا لسن من المبهمات، لأن لهن وجهين مبينين: أحللن في أحدهما، وحرمن في الآخر. فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب، وإن لم يدخل بأمهات الربائب لم يحرمن"
فهذا تفسير"المبهم" الذي أراده ابن عباس فافهمه".
وعقب على هذا ابن الأثير فقال: "هذا التفسير من الأزهري، إنما هو للربائب والأمهات، لا الحلائل، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا عن الربائب"، وهو تعقيب غير جيد.
ثم انظر"الإنصاف" للبطليوسي: ٢٨، ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>