للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال أيضًا، إذا هي عَفَّت وحفِظت فرجها من الفجور:"قد أحصَنَتْ فرجها فهي مُحْصِنة"، كما قال جل ثناؤه: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) [سورة التحريم: ١٢] ، بمعنى: حفظته من الريبة، ومنعته من الفجور. وإنما قيل لحصون المدائن والقرى:"حُصُون"، لمنعها من أرادَها وأهلَها، وحفظِها ما وراءها ممن بغاها من أعدائها. ولذلك قيل للدرع:"درع حَصِينة".

* * *

فإذا كان أصل"الإحصان" ما ذكرنا من المنع والحفظ، فبيِّنٌ أنّ معنى قوله:"والمحصنات من النساء"، والممنوعات من النساء حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم.

وإذ كان ذلك معناه، وكان الإحصان قد يكون بالحرّية، كما قال جل ثناؤه: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [سورة المائدة: ٥] = ويكون بالإسلام، كما قال تعالى ذكره: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [سورة النساء: ٢٥] = ويكون بالعفة، كما قال جل ثناؤه: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) [سورة النور: ٤] = ويكون بالزوج = (١) ولم يكن تبارك وتعالى خصّ محصَنة دون محصنة في قوله:"والمحصنات من النساء" = (٢) فواجبٌ أن تكون كلُّ مُحْصنة بأيّ معاني الإحصان كان إحصانها، حرامًا علينا سفاحًا أو نكاحًا إلا ما ملكته أيماننا منهن بشراء، كما أباحه لنا كتابُ الله جل ثناؤه، أو نكاح على ما أطلقه لنا تنزيل الله.


(١) هذه عطوف متتابعة، والسياق: وإذ كان ذلك معناه، وكان الإحصان قد يكون بالحرية ... ويكون بالإسلام ... ويكون بالعفة ... ويكون بالزوج ...
= ثم عطف مرة أخرى على أول الكلام فكان سياقه: وإذ كان ذلك معناه ... ولم يكن تبارك وتعالى خص محصنة دون محصنة.
(٢) هذا جواب"إذ"، والسياق: وإذ كان ذلك معناه ... فواجب أن تكون كل محصنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>