للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: استقام به. ومنها: الإقبال على الشيء يقال استوى فلانٌ على فلان بما يكرهه ويسوءه بَعد الإحسان إليه. ومنها. الاحتياز والاستيلاء (١) ، كقولهم: استوى فلان على المملكة. بمعنى احتوى عليها وحازَها. ومنها: العلوّ والارتفاع، كقول القائل، استوى فلان على سريره. يعني به علوَّه عليه.

وأوْلى المعاني بقول الله جل ثناؤه:"ثم استوى إلى السماء فسوَّاهن"، علا عليهن وارتفع، فدبرهنّ بقدرته، وخلقهنّ سبع سموات.

والعجبُ ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله:"ثم استوى إلى السماء"، الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها - إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر. ثم لم يَنْجُ مما هرَب منه! فيقال له: زعمت أن تأويل قوله"استوى" أقبلَ، أفكان مُدْبِرًا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أنّ ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقُلْ: علا عليها علوّ مُلْك وسُلْطان، لا علوّ انتقال وزَوال. ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا لقول أهل الحق فيه مخالفًا. وفيما بينا منه ما يُشرِف بذي الفهم على ما فيه له الكفاية إن شاء الله تعالى.

قال أبو جعفر: وإن قال لنا قائل (٢) أخبرنا عن استواء الله جل ثناؤه إلى السماء، كان قبل خلق السماء أم بعده؟

قيل: بعده، وقبل أن يسويهن سبعَ سموات، كما قال جل ثناؤه:


(١) في المخطوطة: "الاستيلاء والاحتواء".
(٢) في المطبوعة: "وإن قال. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>