للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التزويج، وأن"الإحصان" كلمة تشتمل على معان شتى. (١) وليس في رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سُئل"عن الأمة تزني قبل أن تُحصن"، بيانُ أن التي سئِل عنها النبيّ صلى الله عليه وسلم هي التي تزني قبل التزويج، فيكون ذلك حجة لمحتج في أن"الإحصان" الذي سنّ صلى الله عليه وسلم حدَّ الإماء في الزنا، هو الإسلام دون التزويج، ولا أنه هو التزويجُ دون الإسلام.

وإذ كان لا بيان في ذلك، فالصواب من القول: أنّ كل مملوكة زنت فواجب على مولاها إقامةُ الحدّ عليها، متزوجةً كانت أو غير متزوجة، لظاهر كتاب الله، والثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا مَن أخرجه من وُجوب الحد عليه منهنّ بما يجب التسليم له.

وإذْ كان ذلك كذلك، تبين به صحةُ ما اخترنا من القراءة في قوله:"فإذا أُحصِن".

* * *

قال أبو جعفر: فإن ظن ظانّ أن في قول الله تعالى ذكره:"ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات"، دلالةً على أن قوله:"فإذا أحصن"، معناه: تزوّجن، إذْ كان ذكر ذلك بعد وصفهن بالإيمان بقوله:"من فتياتكم المؤمنات" = (٢) وحسبَ أن ذلك لا يحتمل معنى غير معنى التزويج، مع ما تقدم ذلك من وصفهن بالإيمان = فقد ظنّ خطأ. (٣)

وذلك أنه غير مستحيل في الكلام أن يكون معنى ذلك:"ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات"،


(١) انظر ما سلف قريبًا ص: ١٥١-١٩٦.
(٢) قوله: "وحسب" معطوف على قوله: "فإن ظن ظان".
(٣) قوله: "فقد ظن خطأ" جواب الشرط في قوله: "فإن ظن ظان".

<<  <  ج: ص:  >  >>