للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما يُفعل ذلك بالجمع الذي لا فرق بينه وبين واحده غير دخول الهاء وخروجها، فيقال: هذا بقر وهذه بقر، وهذا نخل وهذه نخل، وما أشبه ذلك.

وكان بعض أهل العربية يزعم أنّ السماء واحدة، غير أنها تدلّ على السموات، فقيل:"فسواهن"، يراد بذلك التي ذُكِرت وما دلت عليه من سائر السموات التي لم تُذْكر معها (١) . قال: وإنما تُذكر إذا ذُكِّرت وهي مؤنثة، فيقال:"السماء منفطر به"، كما يذكر المؤنث (٢) ، وكما قال الشاعر:

فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ... وَلا أَرْضَ أَبْقَل إِبْقَالَهَا (٣)

وكما قال أعشى بني ثعلبة:

فَإِمَّا تَرَيْ لِمَّتِي بُدِّلَتْ ... فَإِنَّ الْحَوَادِثَ أَزْرَى بِهَا (٤)


(١) "بعض أهل العربية" هو الفراء، وإن لم يكن اللفظ لفظه، في كتابه معاني القرآن ١: ٢٥، ولكنه ذهب هذا المذهب، في كتابه أيضًا ص: ١٢٦ - ١٣١.
(٢) هكذا في الأصول"كما يذكر المؤنث"، وأخشى أن يكون صواب هذه العبارة: "كما تذكر الأرض، كما قال الشاعر:. . . " وقد ذكر الفراء في معاني القرآن ذلك فقال: ". . فإن السماء في معنى جمع فقال: (فسواهن) للمعنى المعروف أنهن سبع سموات. وكذلك الأرض يقع عليها -وهي واحدة- الجمع. ويقع عليهما التوحيد وهما مجموعتان، قال الله عز وجل: (رب السموات والأرض) ثم قال: (وما بينهما) ، ولم يقل: بينهن. فهذا دليل على ما قلت لك". معاني القرآن. ١: ٢٥، وانظر أيضًا ص: ١٢٦ - ١٣١.
(٣) البيت من شعر عامر بن جوين الطائي، في سيبويه ١: ٢٤٠، ومعاني القرآن ١: ١٢٧ والخزانة ١: ٢١ - ٢٦، وشرح شواهد المغني: ٣١٩، والكامل ١: ٤٠٦، ٢: ٦٨، وقبله، يصف جيشًا: وَجَارِيَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُو ... كِ قَعْقَعْتُ بِالْخَيْلِ خَلْخَالَهَا
كَكِرْ فِئَةِ الْغَيْثِ ذَاتِ الصَّبِيرِ ... تَرْمِي السَّحَابَ وَيَرْمِي لَهَا
تَوَاعَدْتُهَا بَعْدَ مَرِّ النُّجُومِ، ... كَلْفَاءَ تُكْثِرُ تَهْطَالَهَا
فلا مزنة. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(٤) أعشى بني ثعلبة، وأعشى بني قيس، والأعشى، كلها واحد، ديوانه ١: ١٢٠، وفي سيبويه ١: ٢٣٩، ومعاني القرآن للفراء ١: ١٢٨، والخزانة ٤: ٥٧٨، ورواية الديوان: فَإِنْ تَعْهَدِينِي وَلِي لِمَّةٌ ... فَإِنَّ الْحَوَادِثَ أَلْوَى بِهَا
ورواية سيبويه كما في الطبري، إلا أنه روى"أودى بها". وألوى به: ذهب به وأهلكه. وأودى به: أهلكه، أيضًا. وأما"أزرى بها": أي حقرها وأنزل بها الهوان، من الزرارية وهي التحقير. وكلها جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>