للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: بل هم اليهودُ خاصة، وكانت إرادتهم من المسلمين اتّباعَ شهواتهم في نكاح الأخوات من الأب. وذلك أنهم يحلون نكاحَهنّ، فقال الله تبارك وتعالى للمؤمنين: ويريدُ الذين يحلِّلون نكاح الأخوات من الأب، أن تميلوا عن الحق فتستحلّوهن كما استحلوا.

* * *

وقال آخرون. معنى ذلك: كل متبع شهوةً في دينه لغير الذي أبيح له.

*ذكر من قال ذلك:

٩١٣٤ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"ويريد الذين يتبعون الشهوات" الآية، قال: يريد أهل الباطل وأهل الشهوات في دينهم، أن تميلوا في دينكم ميلا عظيمًا، تتبعون أمرَ دينهم، وتتركون أمرَ الله وأمرَ دينكم.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم من أهل الباطل وطلاب الزنا ونكاح الأخوات من الآباء، وغير ذلك مما حرمه الله ="أن تميلوا" عن الحق، (١) وعما أذن الله لكم فيه، فتجورُوا عن طاعته إلى معصيته، وتكونوا أمثالهم في اتباع شهوات أنفسكم فيما حرم الله، وترك طاعته ="ميلا عظيمًا".

وإنما قلنا، ذلك أولى بالصواب، لأن الله عز وجل عمّ بقوله:"ويريد الذين يتبعون الشهوات"، فوصفهم باتباع شهوات أنفسهم المذمومة، وعمهم بوصفهم بذلك، من غير وصفهم باتّباع بعض الشهوات المذمومة. فإذ كان ذلك كذلك، فأولى المعاني بالآية ما دلّ عليه ظاهرها، دون باطنها الذي لا شاهد عليه من أصل


(١) كان في المخطوطة والمطبوعة: "أن تميلوا ميلا عظيما عن الحق ... "، ولكني استظهرت من ذكره في آخر الفقرة: "ميلا عظيما"، أن قوله هنا"ميلا عظيما" سبق قلم من الناسخ، جرت تتمة الآية على لسانه فأثبتها، ولو صح ذلك، لكانت هذه الأخيرة في آخر الفقرة لا مكان لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>