ورواه أحمد في المسند ٦: ٣٢٢ (حلبي) ، عن سفيان، وهو ابن عيينة، بهذا الإسناد. ورواه الترمذي ٤: ٨٨، عن ابن أبي عمر، عن سفيان. وفيه: "عن مجاهد، عن أم سلمة: أنها قالت: يغزو الرجال ... "، إلخ. ورواه الحاكم ٢: ٣٠٥-٣٠٦، من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان - وهو الثوري - عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "عن أم سلمة: أنها قالت ... ". ورواه الواحدي في أسباب النزول، ص ١١٠، من طريق قتيبة، عن ابن عيينة - كرواية عبد الرازق هنا، وأحمد في المسند. فاختلفت صيغة الرواية عن مجاهد. ففي بعضها: "عن مجاهد، قال: قالت أم سلمة". وفي بعضها: "عن مجاهد عن أم سلمة: أنها قالت". فالصيغة الأولى ظاهرها الإرسال، لأن معناها أن مجاهدًا يحكي من قبل نفسه ما قالته أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مرسلا، لأنه لم يدرك ذلك. والصيغة الثانية ظاهرها الاتصال، لأن معناها أن مجاهدًا يذكر هذا رواية عن أم سلمة. ثم يختلفون أيضًا في وصله دون حجة. فقد قال الترمذي - بعد روايته"عن مجاهد عن أم سلمة"-: "هذا حديث مرسل. ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، مرسلا: أن أم سلمة قالت كذا وكذا". وقال الحالكم - بعد روايته"عن مجاهد عن أم سلمة"-: "هذا حديث على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد من أم سلمة". ووافقه الذهبي على تصحيحه، وأعرض عن تعليله فلم يشر إليه. وعندي - بما أرى من السياق والقرائن - أن الروايتين بمعنى واحد، وإنما هو اختلا، في اللفظ من تصرف الرواة. وكلها بمعنى"مجاهد عن أم سلمة". فقد ثبت اللفظان من رواية ابن عيينة. وكذا قد ثبتا في رواية الثوري، هنا في: ٩٢٣٧، وفي رواية الحاكم. وقد نقل ابن كثير ٢: ٤٢٨، عن ابن أبي حاتم أنه قال: "وروى يحيى القطان ووكيع بن الجراح، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله". وأما حكم الترمذي في روايته من طريق ابن عيينة -بأنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل. ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها، فإنه ولد سنة ٢١، وأم سلمة ماتت بعد سنة ٦٠ على اليقين. والمعاصرة - من الراوي الثقة - تحمل على الاتصال، إلا أن يكون الراوي مدلسًا. ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في شرح البخاري، حكاها عنه الحافظ في التهذيب ١٠: ٤٤، ثم عقب عليها بقوله: "ولم أر من نسبه إلى التدليس". وقال الحافظ أيضًا في الفتح ٦: ١٩٤، ردًا على من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عبد الله بن عمرو -: "لكن سماع مجاهد بن عبد الله من عمرو ثابت، وليس بمدلس". فثبت عندنا اتصال الحديث وصحته. والحمد لله. والحديث ذكره ابن كثير ٢: ٤٢٨، من رواية المسند، ثم أشار إلى روايات الترمذي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن جرير، والحاكم. وذكره السيوطي ٢: ١٤٩، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وابن المنذر.