للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه، وعاقد أبو بكر رضي الله عنه مولىً فورثه.

٩٢٦٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم"، فكان الرجل يعاقد الرجل: أيُّهما مات ورثه الآخر. فأنزل الله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا) [سورة الأحزاب: ٦] ، يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصيةً، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت. وذلك هو المعروف.

٩٢٦٩ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدًا"، كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول:"دمي دمُك، وهَدَمي هَدَمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك". (١) فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام، ثم يقسم أهل الميرات ميراثهم. فنسخ ذلك بعد في"سورة الأنفال" فقال الله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) [سورة الأنفال: ٦] .

٩٢٧٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا


(١) قولهم: "دمي دمك"، أي: إن قتلني إنسان طلبت بدمي كما تطلب دم وليك وأخيك. و"الهدم" (بسكون الدال وتحريكها) ، فإذا سكنت الدال، فمعناه: من هدم لي عزًا وشرفًا فقد هدمه منك، أو: من أهدر دمي فقد أهدر دمك = أو: ما عفوت أنا عنه من الدم، فعليك أن تعفو عنه. وأما "الهدم" (بفتح الدال) : فأصله: الشيء الذي انهدم، وهو قريب المعنى من الأول، ويقال: هو القبر، أي: أقبر حيث تقبر. يريدون: لا تفارقني ولا أفارقك في الحياة والممات.
وقولهم: "تطلب بي وأطلب بك"، أي: تطلب الثأر بي، إذا أصابني مكروه، وأفعل ذلك بك. و"الباء" هنا بمعنى: السبب، أي بسببي ومن جراء ما أصابني. وهذه الكلمات كلها توثيق في العهد، وعقد لازم يوجب على الرجلين أن يتعاونا في الخير والشر، لا يفارق أحدهما صاحبه في المحنة والبلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>