للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس لما ادَّعَى الذي وصفنا قوله (١) - في بيت الأسود بن يعفر: أن"إذا" بمعنى التطوّل - وجه مفهوم، بل ذلك لو حذف من الكلام لبطل المعنى الذي أراده الأسود بن يعفر من قوله:

فَإِذَا وذلك لامَهَاهَ لِذِكْرِه

وذلك أنه أراد بقوله: فإذا الذي نحن فيه، وما مضى من عيشنا. وأشار بقوله"ذلك" إلى ما تقدم وصْفه من عيشه الذي كان فيه -"لامهاه لذكره" يعني لا طعمَ له ولا فضلَ، لإعقاب الدهر صَالح ذلك بفساد. وكذلك معنى قول عبد مناف بن رِبْعٍ:

حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ ... شَلا.................

لو أسقط منه"إذا" بطل معنى الكلام، لأن معناه: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة سلكوا شلا فدل قوله."أسلكوهم شلا" على معنى المحذوف، فاستغنى عن ذكره بدلالة"إذا" عليه، فحذف. كما دَلّ - ما قد ذكرنا فيما مضى من كتابنا (٢) - على ما تفعل العربُ في نظائر ذلك. وكما قال النمر بن تَوْلَب:

فَإِنَّ الْمَنِيَّةَ مَنْ يَخْشَهَا ... فَسَوْفَ تُصَادِفُه أَيْنَما (٣)

وهو يريد: أينما ذهب. وكما تقول العرب:"أتيتك من قبلُ ومن بعدُ". تريد من قبل ذلك، ومن بعد ذلك. فكذلك ذلك في"إذا" كما يقول القائل:


(١) في المطبوعة"وليس لمدعي الذي. . " وهو خطأ.
(٢) في المطبوعة: "كما قد ذكرنا فيما مضى من كتابنا على ما تفعل. . . "، وفي المخطوطة: "كما قال. قد ذكرنا فيما مضى. . "، وكلاهما خطأ، الأول من تغيير المصححين، والثاني تصحيف في"قال"، فهي"دل"، والنقطة السوداء، بياض كان في الأصل المنقول عنه، أو"ما" ضاعت ألفها وبقيت"م" مطموسة، فظنها ظان علامة فصل.
هذا وقد أشار الطبري إلى ما مضى في كتابه هذا ص: ١١٤، ص: ٣٢٧ فانظره.
(٣) من قصيدة محكمة في مختارات ابن الشجري ١: ١٦، والخزانة ٤: ٤٣٨، وشرح شواهد المغني: ٦٥، وبعده: وإنْ تتخطّاكَ أسْبابُها ... فإن قُصَاراكَ أنْ تهرمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>