للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهجران بالمنطق: أنْ يغلظ لها، وليس بالجماع.

٩٣٦٩ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن أبي الضحى في قوله:"واهجروهن في المضاجع"، قال: يهجر بالقول، ولا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يريد.

٩٣٧٠ - حدثنا المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن رجل عن الحسن قال: لا يهجرها إلا في المبيت، في المضجع. ليس له أن يهجر في كلام ولا شيء إلا في الفراش.

٩٣٧١ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني يعلى، عن سفيان في قوله:"واهجروهن في المضاجع"، قال: في مجامعتها، ولكن يقول لها:"تعالَىْ، وافعلي"، كلامًا فيه غلظة. فإذا فعلتْ ذلك، فلا يكلِّفْها أن تحبه، فإن قلبها ليس في يديها.

* * *

قال أبو جعفر: ولا معنى ل"الهجر" في كلام العرب إلا على أحد ثلاثة أوجه.

أحدها:"هجر الرجل كلام الرجل وحديثه"، وذلك رفضه وتركه، يقال منه:"هَجر فلان أهله يهجرُها هجرًا وهجرانًا".

والآخر: الإكثار من الكلام بترديد كهيئة كلام الهازئ، يقال منه:"هجر فلانٌ في كلامه يَهْجُر هَجْرًا"، إذا هذَى ومدّد الكلمة (١) ="وما زالت تلك هِجِّيراه، وإهْجِيرَاه"، ومنه قول ذي الرمة:

رَمَى فَأَخْطَأَ، وَالأقْدَارُ غَالِبَةٌ ... فَانْصَعْنَ وَالْوَيْلُ هِجِّيرَاهُ وَالْحَرَبُ (٢)


(١) هذا التفسير لمعنى"الهجر"، وهذه الصفة قلما تصيبها في كتب اللغة، فأثبتها هناك.
(٢) ديوانه: ١٦، والبيت من قصيدته الناصعة، وهو من الأبيات التي وصف فيها حمر الوحش، وصائدها من قبيلة جلان، جاءت الحمر ظماء إلى الماء، وتخفى لها الصائد قد أعد سهامه، فلما وردت الحمر حين دعاها خرير الماء المنسكب، ولم تكد تشرب منه نغبًا تكسر ما تلقى من حرارة العطش، حتى رماها الصائد فأخطأها، على مهارته وحذقه، فإن قدر الله غالب كل مقتدر ="فانصعن" أي: تفرقن هاربات، وبقي الصائد دائبًا يدعو على نفسه بالويل والحرب. و"هجيراه" دأبه، ألح إلحاحًا على ذلك لما أخفق. و"الحرب" نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له، يدعو على نفسه بذلك من الغيظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>