للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبْلِغِ النُّعْمَانَ عَنِّي مَلأَكًا ... إِنَّهُ قَدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَارِي (١)

وقد ينشد: مألَكًا، على اللغة الأخرى. فمن قال: ملأكًا فهو مَفْعل، من لأك إليه يَلأك إذا أرسل إليه رسالة مَلأكة (٢) ؛ ومن قال: مَألَكًا فهو مَفْعَل من ألكت إليه آلك: إذا أرسلت إليه مألَكة وألُوكًا (٣) ، كما قال لبيد بن ربيعة (٤) :

وَغُلامٍ أَرْسَلَتْه أُمُّه ... بأَلُوكٍ فَبَذَلْنَا مَا سَأَلْ (٥)

فهذا من"ألكت"، ومنه قول نابغة بني ذبيان:

أَلِكْنِي يَا عُيَيْنَ إِلَيْكَ قَوْلا ... سَأَهْدِيه، إِلَيْكَ إِلَيْكَ عَنِّي (٦)


(١) الأغاني ٢: ١٤، والعقد الفريد ٥: ٢٦١، وفي المطبوعة"وانتظار"، وهي إحدى قصائد عدي، التي كان يكتبها إلى النعمان، لما حبسه في محبس لا يدخل عليه فيه أحد. وبعده البيت المشهور، وهو من تمامه: لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شرِقٌ ... كُنْت كالغَصَّانِ بالماء اعتصارِي
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "يلئك"، وهذا الثلاثي: "لأك يلأك" لم أجده منصوصًا عليه في كتب اللغة، بل الذي نصوا عليه هو الرباعي: "ألكني إلى فلان: أبلغه عني. أصله ألئكني، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على ما قبلها"، ولكنهم نصوا على أنه مقلوب، فإذا صح ذلك، صح أيضًا أن تكون"لأك" مقلوب"ألك" الثلاثي، وهو مما نصوا عليه.
(٣) كلام الطبري يشعر بأنه أراد وزن"مفعل" بفتح العين، فهي مألك، بفتح اللام، والأشهر الأفصح: والمألك والمألكة (بفتح الميم وضم اللام فيهما) .
(٤) في المطبوعة: "لبيد بن أبي ربيعة"، وهو خطأ.
(٥) ديوانه القصيدة رقم: ٣٧، البيت: ١٦، وقوله"وغلام" مجرور بواو"رب". أرسلت الغلام أمه تلتمس من معروف لبيد، فأعطاها ما سألت.
(٦) في المطبوعة: "ستهديه الرواة إليك. . "، وأثبتنا نص المخطوطة، والديوان: ٨٥ وغيرهما. ويضبطونه"سأهديك" بضم الهمزة، من الهدية، أي سأهديه إليك، ولست أرتضيه، والشعر يختل بذلك معناه. وإنما هو عندي بفتح الهمزة، من"هديته الطريق" إذا عرفته الطريق وبينته له. ومنه أخذوا قولهم: هاداني فلان الشعر وهاديته: أي هاجاني وهاجيته. وقوله: "إليك إليك" أي خذها، كما قال القطامي: إذا التَّيَّازُ ذُو الْعَضَلاتِ قُلْنَا: ... إِلَيْكَ إِلَيْكَ! ضَاقَ بِهَا ذِرَاعَا
وقوله: "عني" أي مني، كما في قولهم: "عنك جاء هذا" أي منك، أو من قبلك. وكذلك هو في قوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) ، أي من عباده، وقوله تعالى: (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا) ، أي نتقبل منهم. وليس قول النابغة من قولهم"إليك عني"، أي كف وأمسك - في شيء. والشعر الذي يليه دال على ذلك، والبيت الذي يلي هذا فيه الكلمة المنصوبة بقوله"إليك إليك": قَوَافِيَ كَالسِّلامِ إِذَا اسْتَمَرَّتْ ... فَلَيْسَ يرُدّ مَذْهَبَهَا التَّظَنِّي
أي خذها قوافي كالسلام، وهي الحجارة.
وقوله: "عيين" يعني عيينة بن حصن الفزاري، وكان أعان بني عبس على بني أسد حلفاء بني ذبيان" رهط النابغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>