للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يغزوه، وقال: إنا معكم نقاتله. فقالوا: إنكم أهل كتاب، وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكرًا منكم! فإن أردت أن نخرج معك، فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما. ففعل. ثم قالوا: نحن أهدى أم محمد؟ فنحن ننحر الكوماء، (١) ونسقي اللبن على الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه، وخرج من بلده؟ قال: بل أنتم خير وأهدى! فنزلت فيه:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا".

٩٧٩٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: قال: لما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود من بني النضير ما كان، (٢) حين أتاهم يستعينهم في دية العامريَّين، فهمّوا به وبأصحابه، (٣) فأطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فهرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة، فعاهدهم على محمد، فقال له أبو سفيان: يا أبا سعد، إنكم قوم تقرؤون الكتابَ وتعلمون، ونحن قوم لا نعلم! فأخبرنا، ديننا خير أم دين محمد؟ قال كعب: اعرضوا عليّ دينكم. فقال أبو سفيان: نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونعمر بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد آباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه! قال: دينكم خير من دين محمد، فاثبتوا عليه، ألا ترون أنّ محمدًا يزعم


(١) "الكوماء": هي الناقة المشرقة السنام العاليته، وهذه خير النوق وأسمنها وأعزها عليهم، والجمع"كوم".
(٢) في المطبوعة: "واليهود بني النضير"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) ذلك في سنة أربع من الهجرة، فأرادوا أن يغدروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتمالأوا على أن يلقوا عليه حجرًا من فوق جدار البيت الذي كان رسول الله جالسًا إلى جنبه، فأطلعه الله على ذلك من أمرهم، فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، ثم أمر بالتهيؤ لحرب بني النضير، فحاصرهم، وأجلاهم، وفيهم نزلت"سورة الحشر" بأسرها. انظر سيرة ابن هشام ٣: ١٩٩ - ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>