للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك"، ثم استثنى"القليل"، فرفع بالمعنى الذي ذكرنا، إذ كان الفعل منفيًّا عنه.

* * *

وهي في مصاحف أهل الشام: (مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ) . وإذا قرئ كذلك، فلا مرْزِئَةَ على قارئه في إعرابه، (١) لأنه المعروف في كلام العرب، إذ كان الفعل مشغولا بما فيه كنايةُ مَنْ قد جرى ذكره، (٢) ثم استثني منهم القليل.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: ولو أن هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت، ويصدُّون عنك صدودًا ="فعلوا ما يوعظون به يعني: ما يذكّرون به من طاعة الله والانتهاء إلى أمره (٣) ="لكان خيرًا لهم"، في عاجل دنياهم، وآجل معادهم ="وأشد تثبيتًا"، وأثبت لهم في أمورهم، وأقوم لهم عليها. (٤) وذلك أن المنافق يعمل على شك، فعمله يذهب باطلا وعناؤه يضمحلّ فيصير هباء، وهو بشكه يعمل على وناءٍ وضعف. (٥)


(١) "المرزئة" (بفتح الميم، وسكون الراء، وكسر الزاي) ، مثل الرزء، والرزيئة: وهو المصيبة والعناء والضرر والنقص، وكل ما يثقل عليك، عافاك الله. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "فلا مرد به على قارئه"، وهو شيء لا يفهم ولا يقال!!
(٢) "الكناية" الضمير، كما سلف مرارًا كثيرة. ثم انظر مقالة أبي عبيدة في مجاز القرآن ١: ١٣١.
(٣) انظر تفسير"الوعظ"، فيما سلف ص: ٢٩٩، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير"التثبيت" فيما سلف ٥: ٣٥٤، ٥٣١ / ٧: ٢٧٢، ٢٧٣. ولو قال: "وأقوى لهم عليها"، لكان ذلك أرجح عندي، وكلتاهما صواب.
(٥) "الونا" و"الوناء": الفترة والكلال والإعياء والضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>