للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا (٧٧) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"قل متاع الدنيا قليل"، قل، يا محمد، لهؤلاء القوم الذين قالوا:"ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" =: عيشكم في الدنيا وتمتعكم بها قليل، لأنها فانية وما فيها فانٍ (١) ="والآخرة خير"، يعني: ونعيم الآخرة خير، لأنها باقية ونعيمها باق دائم. وإنما قيل:"والآخرة خير"، ومعنى الكلام ما وصفت، من أنه معنيٌّ به نعيمها - لدلالة ذكر"الآخرة" بالذي ذكرت به، على المعنى المراد منه ="لمن اتقى"، يعني: لمن اتقى الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، فأطاعه في كل ذلك ="ولا تظلمون فتيلا"، يعني: ولا ينقصكم الله من أجور أعمالكم فتيلا.

* * *

وقد بينا معنى:"الفتيل"، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته ههنا. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: = حيثما تكونوا يَنَلكم الموت فتموتوا ="ولو كنتم في بروج مشيَّدة"، يقول: لا تجزعوا من الموت، ولا تهربوا من القتال، وتضعفوا عن لقاء عدوكم، حذرًا على أنفسكم من القتل والموت، فإن الموت


(١) انظر تفسير"المتاع" فيما سلف ١: ٥٣٩، ٥٤٠ / ٣: ٥٥ / ٥: ٢٦٢ / ٦: ٢٥٨.
(٢) انظر ما سلف: ٤٥٦ - ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>