للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلف أهل العربية في معنى"المشيدة".

فقال بعض أهل البصرة منهم:"المشيدة"، الطويلة. قال: وأما"المشِيدُ"، بالتخفيف، فإنه المزيَّن. (١)

* * *

وقال آخر منهم نحو ذلك القول، (٢) غير أنه قال:"المَشِيد" بالتخفيف المعمول بالشِّيد، و"الشيد" الجِصُّ.

* * *

وقال بعض أهل الكوفة:"المَشيد" و"المُشَيَّد"، أصلهما واحد، غير أن ما شدِّد منه، فإنما يشدد لنفسه، والفعل فيه في جمع، (٣) مثل قولهم:"هذه ثياب مصبَّغة"، و"غنم مذبَّحة"، فشدد؛ لأنها جمع يفرَّق فيها الفعل. وكذلك مثله،"قصور مشيدة"، لأن القصور كثيرة تردد فيها التشييد، ولذلك قيل:"بروج مشيدة"، ومنه قوله:"وغَلَّقت الأبواب"، وكما يقال:"كسَّرت العودَ"، إذا جعلته قطعًا، أي: قطعة بعد قطعة. وقد يجوز في ذلك التخفيف، فإذا أفرد من ذلك الواحد، فكان الفعل يتردد فيه ويكثر تردده في جمع منه، جاز التشديد عندهم والتخفيف، فيقال منه:"هذا ثوب مخرَّق" و"جلد مقطع"، لتردد الفعل فيه وكثرته بالقطع والخرق. وإن كان الفعل لا يكثر فيه ولا يتردد، ولم يجيزوه إلا بالتخفيف، وذلك نحو قولهم:"رأيت كبشًا مذبوحًا" ولا يجيزون فيه:"مذَّبحًا"، لأن الذبح لا يتردد فيه تردد التخرُّق في الثوب.

* * *

وقالوا: فلهذا قيل:"قصر مَشِيد"، لأنه واحد، فجعل بمنزلة قولهم:


(١) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ١٣٢.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وقال آخرون منهم"، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٣) في المطبوعة: "فإنما يشدد لتردد الفعل فيه ... " غير ما في المخطوطة، وهو ما أثبته وهو صواب المعنى المطابق للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>