للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهم ليلا ومنه قول عبيدة بن همام: (١)

أَتَوْنِي فَلَمْ أَرْضَ مَا بَيَّتُوا، ... وَكَانُوا أَتَوْنِي بِشَيْءٍ نُكُرْ (٢)

لأنْكِحَ أَيِّمَهُمْ مُنْذِرًا، ... وَهَلْ يُنْكِحَ الْعَبْدَ حُرٌّ لِحُرْ?! (٣)

يعني بقوله:"فلم أرض ما بيتوا"، ليلا أي: ما أبرموه ليلا وعزموا عليه،

ومنه قول النمر بن تولب العُكْليّ:

هَبَّتْ لِتَعْذُلَنِي مِنَ اللَّيْل اسْمَعِ! ... سَفَهًا تُبَيِّتُكِ المَلامَةُ فَاهْجَعِي (٤)


(١) عبيدة بن همام، أخو بني العدوية، من بني مالك بن حنظلة، من بني تميم، وظنه ناشر مجاز القرآن لأبي عبيدة"عبيدة بن همام التغلبي"، وكلا، فهذا إسلامي، وذلك جاهلي! واستظهرت من نسب"يعلى بن أمية" في جمهرة الأنساب: ٢١٧، وغيرها أنه"عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. وخبر هذا الشعر دال على أنه جاهلي، فقد ذكر الجاحظ في الحيوان ٤: ٣٧٦ خبر هذه الأبيات، في خبر للنعمان بن المنذر ومثالبه، وذلك أن أخاه المنذر بن المنذر خطب إلى عبيدة بن همام، فرده أقبح الرد، وذكر الأبيات.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٣٣، الحيوان ٤: ٣٧٦، الكامل ٢: ٣٥، ١٠٦، الأزمنة والأمكنة للمرزوقي ١: ٢٦٣، ديوان الأسود بن يعفر لنهشلي، أعشى بني نهشل، في ديوان الأعشين: ٢٩٨، اللسان (نكر) . وروى: "فقد طرقوني بشيء".
"طرقوني": أتوني ليلا. و"نكر" بضمتين، مثل"نكر" بضم فسكون: الأمر المنكر الذي تنكره. والبيت يتممه الذي بعده.
(٣) "الأيم" من النساء، التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيبًا. و"رجل أيم"، لا زوجة له. و"منذر" يعني: المنذر بن المنذر، أخا النعمان بن المنذر. وقوله: "هل ينكح العبد حر لحر" أي: هل ينكح الحر الذي ولدته الأحرار، عبدًا من العبيد، وذلك تعريض منه بالمنذر وأخيه النعمان، الذي جعل امرأته ظئرًا لبعض ولد كسرى، وسماه كسرى"عبدًا". وقوله: "حر لحر"، أي: حر قد ولدته الأحرار، كما تقول: "هو كريم لكرام، وحر لأحرار"، اللام فيه للنسب، كأنه قال: كريم ينسب إلى آباء كرام، وحر ينسب إلى آباه أحرار. وهذا الذي قلته لا تجده في كتاب، فاحفظه.
وكان في المخطوطة: "لأنكح إليهم منذرًا"، وهو فاسد جدًا كما ترى، وفيها أيضًا: "حر بحر"، والصواب ما أثبت.
(٤) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٣٣، والخزانة ١: ١٥٣، والعيني (بهامش الخزانة) ٢: ٥٣٦، وشرح شواهد المغني: ١٦١، وغيرها. وكان في المطبوعة: "بليل اسمع"، وهو خطأ، ومثله في المخطوطة: "بليل اسمع"، ولكني أثبت رواية أبي عبيدة فهي أجود الروايات.
وقوله: "اسمع"، هذا قول امرأته أو أمه التي كانت تلومه على الكرم والسخاء. ويعني بذلك أنها كانت تكثر من مقالة"اسمع، واسمع مني". وقوله: "سفها"، أي باطلا وخفة عقل. وقوله"تبيتك الملامة" ليس من معنى ما أراد الطبري، وإن كان الشراح قد فسروه كذلك. وهو عندي من قولهم: "بات الرجل" إذا سهر، ومنه: "بت أراعي النجوم"، أي سهرت أنظر إليها، فقوله: "تبيتك الملامة"، أي تسهرك ملامتي وعتابي، يقول: سهرك المضني هذا من السفه، فنامى واهجعي، فهو أروح لك!
فاستشهاد أبي عبيدة، والطبري على أثره، بهذا البيت، ليس في تمام موضعه، وإن كان الأمر قريب بعضه من بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>