للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يهاجروا! فسماهم الله منافقين، وبرّأ المؤمنين من وَلايتهم، وأمرهم أن لا يتولَّوهم حتى يهاجروا.

* * *

وقال آخرون: بل كان اختلافهم في قوم كانوا بالمدينة، أرادوا الخروج عنها نفاقًا.

* ذكر من قال ذلك:

١٠٠٥٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا"، قال: كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنّا قد أصابنا أوجاعٌ في المدينة واتَّخَمْناها، (١) فلعلنا أن نخرج إلى الظَّهر حتى نتماثل ثم نرجع، (٢) فإنا كنا أصحاب برّيّة. فانطلقوا، واختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت طائفة: أعداءٌ لله منافقون! (٣) وددنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا فقاتلناهم! وقالت طائفة: لا بل إخواننا غَمَّتهم المدينة فاتّخموها، (٤)


(١) "اتخمناها"، "افتعل" من"الوخم"، يقال: "أرض وخمة ووخيمة"، وبيئة، لا يوافق المرء سكنها فيجتويها. و"استوخم القوم المدينة": استثقلوها، ولم يوافق هواؤها أبدانهم. والذي ذكرته كتب اللغة بناء"استوخم""استفعل" متعديا من"الوخم"، ولم يذكروا"اتخم""افتعل"، وهو صحيح في قياس العربية. وهذا شاهده.
(٢) "الظهر": ما غلظ وارتفع من الأرض، و"البطن": ما لان منها وسهل ورق واطمأن. ومثله"ظاهر الأرض"، فسموا ما بعد عن القرية وارتفع في البرية: "ظهر البلدة وظاهرها".
(٣) في المطبوعة: "أعداء الله المنافقون"، وفي المخطوطة: أعداء الله منافقون"، والصواب ما أثبت.
(٤) في المطبوعة والدر المنثور ٢: ١٩١: "تخمتهم المدينة فاتخموها"، وليس صوابا. وفي المخطوطة: "عمهم المدينة" غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها، من"الغم": وهو الكرب وكل ما يكرهه الإنسان فيورثه الضيق والهم. والدليل على صحة هذه القراءة ما جاء في معاني القرآن ١: ٢٨٠"ضجروا منها واستوخموها" وانظر ما سلف تعليق: ١، في تفسير"اتخم".

<<  <  ج: ص:  >  >>