للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي قوله:"أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم"، متروكٌ، ترك ذكره لدلالة الكلام عليه. وذلك أن معناه: أو جاءوكم قد حصرت صدورهم، فترك ذكر"قد"، لأن من شأن العرب فعل مثل ذلك: تقول:"أتاني فلان ذَهَب عقله"، بمعنى: قد ذهب عقله. ومسموع منهم:"أصبحت نظرتُ إلى ذات التَّنانير"، بمعنى: قد نظرت. (١) ولإضمار"قد" مع الماضي، جاز وضع الماضي من الأفعال في موضع الحال، لأن"قد" إذا دخلت معه أدْنته من الحال، وأشبهت الأسماء. (٢)

* * *

وعلى هذه القراءة= أعني"حَصِرَت"، قراءة القرأة في جميع الأمصار، وبها يقرأ لإجماع الحجة عليها.

* * *

وقد ذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: (أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَةً صُدُورُهُمْ) ، نصبًا، (٣) وهي صحيحة في العربية فصيحة، غير أنه غير جائزة القراءة بها عندي، لشذوذها وخروجها عن قراءة قرأة الإسلام.

* * *


(١) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٨٢. و"ذات التنانير": أرض بين الكوفة وبلاد غطفان، وقال ياقوت في معجمه: "عقبة بحذاء زبالة".
(٢) في المطبوعة: "وأشبه الأسماء"، وما في المخطوطة صواب، يعني وأشبهت الأفعال الماضية الأسماء.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>