للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له = فذكرت ذلك لمجاهد فقال: إلا من نَدم.

* * *

وقال آخرون: ذلك إيجاب من الله الوعيدَ لقاتل المؤمن متعمّدًا، كائنًا من كان القاتل، على ما وصفه في كتابه، ولم يجعل له توبة من فعله. قالوا: فكل قاتل مؤمن عمدًا، فله ما أوعده الله من العذاب والخلود في النار، ولا توبة له. وقالوا: نزلت هذه الآية بعد التي في"سورة الفرقان".

*ذكر من قال ذلك:

١٠١٨٨- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن يحيى الجابر، عن سالم بن أبي الجعد قال: كنا عند ابن عباس بعد ما كُفَّ بصره، فأتاه رجل فناداه: يا عبد الله بن عباس، ما ترى في رجل قتل مؤمنًا متعمدًا؟ فقال:"جزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضبَ الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذابًا عظيمًا". قال: أفرأيت إن تاب وآمن وعمِل صالحًا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلتْه أمه! وأنَّى له التوبة والهدى؟ فوالذي نفسي بيده لقد سمعت نبيَّكم صلى الله عليه وسلم يقول: ثكلته أمه! رجل قتل رجلا متعمدًا جاء يوم القيامة آخذًا بيمينه أو بشماله، تَشْخَبُ أوداجه دمًا، في قُبُل عرش الرحمن، يَلزم قاتلَه بيده الأخرى يقول: سلْ هذا فيم قتلني؟ ووالذي نفس عبد الله بيده، لقد أنزلت هذه الآية، فما نسختها من آية حتى قُبض نبيّكم صلى الله عليه وسلم، وما نزل بعدها من برهان. (١)


(١) الأثر: ١٠١٨٨ -"يحيى الجابر" هو"يحيى بن المجبر"، وهو: يحيى بن عبد الله بن الحارث المجبر التيمي وثقه أخي السيد أحمد في المسند.
ورواه أحمد في المسند رقم: ٢١٤٢ بطوله، وهو حديث صحيح، من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، عن يحيى بن المجبر التيمي. ثم رواه برقم: ٢٦٨٣، ورواه مختصرًا برقم: ١٩٤١، ٣٤٤٥ وانظر ابن كثير ٢: ٥٣٧-٥٣٩.
وقوله: "تشخب أوداجه دما"، أي تسيل دمًا له صوت في خروجه، و"الشخب"، ما يخرج من تحت يد الحالب عند كل غمزة وعصرة لضرع الشاة، ويكون لمخرجه صوت عند الحلب. و"الأوداج" جمع"ودج" (بفتحتين) ، وهي العروق التي تكتنف الحلقوم، وما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح.
وقوله: "في قبل عرش الرحمن"، "قبل" (بضم فسكون) ، أو (بفتحتين) أو (بضمتين) كل ذلك جائز، وهو الوجه، أو ما يستقبلك من شيء، ويعني به ما بين يدي العرش حيث يستقبله الناظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>