للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن سلمة، عن حُميد، عن أنس بن مالك، عن عُبادة بن الصّامت، عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف (١) .

٢٩- حدثنا أبو كريب قال حدثنا حسين بن علي، وأبو أسامة، عن زائدة، عن عاصم، عن زِرّ، عن أبيّ، قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المِرَاءِ فقال: إني بُعثتُ إلى أمة أمِّيِّين، منهم الغلامُ والخادمُ والشيخ العاسِي والعجوز، فقال جبريل: فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف (٢) . ولفظ الحديث لأبي أسامة.


(١) الحديث ٢٨- وهذا إسناد صحيح أيضًا، إلا أن حماد بن سلمة زاد "عبادة بن الصامت" بين أنس وأبي بن كعب. وسنبين ذلك، إن شاء الله.
ومحمد بن مرزوق، شيخ الطبري: هو محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي، نسب إلى جده. وهو ثقة، روى عنه مسلم في صحيحه والترمذي وابن ماجة وغيرهم. وشيخه أبو الوليد: هو الطيالسي، واسمه: هشام بن عبد الملك، إمام حافظ حجة.
والحديث رواه أحمد في المسند ٥: ١١٤ طبعة الحلبي، هكذا مختصرًا، عن عفان عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ثم رواه بالإسناد نفسه مطولا، بنحو الرواية الماضية، في ٢٦، ٢٧، ثم رواه عن يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس: "أن أبيا قال"- فأشار إلى تلك الرواية، ثم قال: "ولم يذكر فيه عبادة".
فالظاهر -عندي- أن حماد بن سلمة هو الذي انفرد بزيادة "عبادة" في الإسناد. ولعل هذا سهو منه، فقد رواه الرواة الذين ذكرنا من قبل، دون هذه الزيادة، وهم أكثر منه عددًا وأحفظ وأشد إتقانًا.
وأيا ما كان فالحديث صحيح، سواء أسمعه أنس من أبي بن كعب مباشرة، أم سمعه من عبادة بن الصامت عن أبي.
(٢) الحديث ٢٩- وهذا إسناد صحيح أيضًا. حسين بن علي: هو الجعفي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. زائدة: هو ابن قدامة. عاصم: هو ابن بهدلة، وهو ابن أبي النجود. زر: هو ابن حبيش.
والحديث رواه أحمد في المسند ٥: ١٣٢ عن حسين بن علي الجعفي عن زائدة، وعن أبي سعيد مولى بني هاشم عن زائدة أيضًا. ونقله ابن كثير في الفضائل: ٥٩ عن الرواية الأولى من المسند.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده رقم: ٥٤٣ عن حماد بن سلمة. ورواه الترمذي ٤: ٦١ من طريق شيبان، وهو ابن عبد الرحمن النحوي، كلاهما عن عاصم، بهذا الإسناد، نحوه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح. وقد روى عن أبي بن كعب من غير وجه".
"أحجار المراء"، بكسر الميم وتخفيف الراء وبالمد: موضع بقباء، خارج المدينة، وقال مجاهد: "هي قباء"، كما في النهاية لابن الأثير ١: ٢٠٣، ٤: ٩١، والقاموس وشرحه ٣: ١٢٧، ووفاء الوفا للسمهودي ٢: ٢٤٤. ولم نجد في ذلك خلافًا، إلا ما ذهب إليه أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم: ١١٧، إذ زعم أنه "موضع بمكة، على لفظ جمع "حجر" كانت قريش تتمارى عندها، وهي صفي السباب"، ثم ذكر هذا الحديث شاهدًا؛ وأنا أرجح أنه وهم منه، انتقل ذهنه بمناسبة تقارب معنيي اللفظين إلى الظن باتحاد المكانين. فإن "صفي السباب" "موضع بمكة كانت قريش تتمارى عندها" كما قال أبو عبيد نفسه في مادة "صفي": ٨٣٨، فانتقل ذهنه فقال عقب ذلك: "وهو الموضع المعروف بأحجار المراء"!! و "المراء": من المماراة، و "الصفي"، بضم الصاد وكسر الفاء وتشديد الياء: جمع "صفا"، و "الصفا": جمع "صفاة"، وهي الحجر الصلد الضخم الذي لا ينبت شيئًا.
ومما يؤيد اليقين بما أخطأ فيه أبو عبيد: أن في بعض روايات هذا الحديث الآتية: "عند أضاة بني غفار"، وهي موضع بالمدينة يقينًا. وقد بين أبو عبيدة نفسه ذلك في: ١٦٤، وذكر الحديث بالرواية الآتية أيضًا شاهدًا عليه.
وقوله "والشيخ العاسي"، في مطبوعة الطبري "والشيخ الفاني"، وفي المخطوطة "العاشي"، وفي المسند "العاصي". وكلها بمعنى. و "عسا الشيخ": إذا كبر وأسن وضعف بصره ويبس جلده وصلب. ومثله "عصا". وقال الأزهري: عصا: إذا صلب، كأنه أراد "عسا" بالسين، فقلبها صادًا". (اللسان: عصا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>