وهذه القراءة تنبئ على أن قوله:"إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا"، مواصلٌ قوله:"فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة"(١) =، وأن معنى الكلام: وإذا ضربتم في الأرض، فإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة= وأن قوله:"وإذا كنت فيهم"، قصة مبتدأة غير قصة هذه الآية.
وذلك أن تأويل قراءة أبيٍّ هذه التي ذكرناها عنه: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن لا يفتنكم الذين كفروا، فحذفت"لا" لدلالة الكلام عليها، كما قال جل ثناؤه:(يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) ، [سورة النساء: ١٧٦] ، بمعنى: أن لا تضلوا.
ففيما وصفنا دلالة بينة على فساد التأويل الذي رواه سيف، عن أبي روق.
* * *
وقال آخرون: بل هو القصر في السفر، غير أنه إنما أذن جل ثناؤه به للمسافر في حال خوفه من عدوٍّ يخشى أن يفتِنَه في صلاته.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٣١٧- حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري قال، حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد قال، حدثني محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: سمعت أبي يقول: سمعت عائشة تقول في السفر: أتموا صلاتكم. فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي في السفر ركعتين؟
(١) في المخطوطة: "وهي في الإمام مصحف عثمان رحمة الله عليه: "إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا" من أصل قوله: "فليس عليكم جناح" ... وأن معنى الكلام...."، وهي عبارة فاسدة مضطربة، كأن ناسخًا غير ناسخنا، أو كأن الناشر، زاد أحدهما"وهذه القراءة.." إلخ، حتى اتصل الكلام واستقام، فتركت ما في المطبوعة على حاله، إلا أنه كتب"تنبئ على أن قوله"، فجعلتها"تنبئ عن أن قوله ... ". وتصحيحه"من أصل" فجعلها"مواصل" هو الصواب إن شاء الله.