للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما طعامهم بالمدينة التمر والشَّعير، وكان الرجل إذا كان له يَسَار فقدمت ضَافِطة من الشأم بالدَّرْمك، (١) ابتاع الرجل منها فخصَّ به نفسه. (٢) فأما العِيال، فإنما طعامهم التمر والشَّعير. فقدمت ضافطة من الشأم، فابتاع عمي رِفاعة بن زيد حملا من الدَّرمك، فجعله في مَشْرُبة له، (٣) وفي المشربة سلاح له: دِرْعَان وسيفاهما وما يصلحهما. فعُدِي عليه من تحت الليل، (٤) فنُقِبَت المشربة، وأُخِذَ الطعام والسّلاح. فلما أصبح، أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي، تعلَّم أنه قد عُدي علينا في ليلتنا هذه، (٥) فنقبت مشرُبتنا، فذُهِب بسلاحنا وطعامنا! قال: فتحسّسنا في الدار، (٦) وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نراه إلا على بعض طعامكم.

= قال: وقد كان بنو أبيرق قالوا ونحن نسأل في الدار: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل! = رجلا منا له صلاح وإسلام. (٧) فلما سمع بذلك لبيد، اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق فقال: (٨) والله ليخالطنكم هذا السيف، أو لتُبَيّننَّ هذه


(١) الضافطة: كانوا قومًا من الأنباط يحملون إلى المدينة الدقيق والزيت وغيرهما. ثم قالوا للذي يجلب الميرة والمتاع إلى المدن، والمكاري الذي يكري الأحمال"الضافطة" و"الضفاط". و"الدرمك" هو الدقيق النقي الحواري، الأبيض.
(٢) في المطبوعة: "ابتاع الرجل منهم"، وفي المخطوطة: "منا"، وأثبت ما في المراجع.
(٣) "المشربة" (بفتح الميم وسكون الشين وفتح الراء أو ضمها) : وهي الغرفة، أو العلية، أو الصفة بين يدي الغرفة. والمشارب: العلالي.
(٤) في المراجع الأخرى: "من تحت البيت"، وكأن الذي في الطبري هو صواب الرواية.
(٥) "تعلم" (بتشديد اللام) ، بمعنى: اعلم.
(٦) في المطبوعة والمخطوطة: "فتجسسنا" بالجيم، وهي صواب، وأجود منها بالحاء، كما في سائر المراجع."تحسس الخبر": تطلبه وتبحثه، وفي التنزيل: "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه".
و"الدار" هنا: المحلة التي تنزلها القبيلة أو البطن منها، ويعني بها القبيلة أو البطن، كما جاء في الحديث: "ألا أنبئكم بخير دور الأنصار؟ دور بني النجار، ثم دور بني عبد الأشهل، وفي كل دور الأنصار خير". يعني القبيلة المجتمعة في محلة تسكنها.
(٧) في المطبوعة: "رجل" بالرفع، كأنه استنكر النصب! وهو صواب محض عال.
(٨) "اخترط سيفه": سله من غمده.

<<  <  ج: ص:  >  >>