للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لأن الأظهر من معاني"الإناث" في كلام العرب، ما عُرِّف بالتأنيث دون غيره. فإذ كان ذلك كذلك، فالواجب توجيه تأويله إلى الأشهر من معانيه.

* * *

وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية:"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى ونُصْله جهنم وساءت مصيرًا * إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، يقول: ما يدعو الذين يشاقّون الرسول ويتبعون غير سبيل المؤمنين شيئًا="من دون الله"، بعد الله وسواه، (١) ="إلا إناثًا"، يعني: إلا ما سموه بأسماء الإناث كاللات والعزى وما أشبه ذلك. يقول جل ثناؤه: فحسب هؤلاء الذين أشركوا بالله، وعبدوا ما عبدوا من دونه من الأوثان والأنداد، حجّة عليهم في ضلالتهم وكفرهم وذهابهم عن قصد السبيل، أنهم يعبدون إناثًا ويدعونها آلهة وأربابًا، والإناث من كل شيء أخسُّه، فهم يقرون للخسيس من الأشياء بالعبودة، على علم منهم بخساسته، ويمتنعون من إخلاص العبودة للذي له ملك كل شيء، وبيده الخلق والأمر. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا"، وما يدعو هؤلاء الذين يدعون هذه الأوثان الإناث من دون الله بدعائهم إياها =


(١) انظر تفسير"دون" فيما سلف ٢: ٤٨٩ / ٦: ٣١٣.
(٢) في المطبوعة: "بالعبودية" و"العبودية"، في الموضعين وأثبت ما في المخطوطة. و"العبودة" هي العبادة، وقد سلف استعمال الطبري لهذه اللفظة على هذا البناء، وتغيير الناشر لها في كل مرة. انظر ٣: ٣٤٧، تعليق: ١ / ٦: ٢٧١، تعليق: ١، ٤٠٤ تعليق: ٢، ٥٤٩: ٢، ٥٦٤، تعليق: ٣ / ٨: ٥٩٢، تعليق: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>