للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا (١٢٠) }

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه، عن حال نصيب الشيطان المفروضِ الذين شاقوا الله ورسوله من بعد ما تبين لهم الهدى. (١) يقول الله: ومن يتبع الشيطان فيطيعه في معصية الله وخلاف أمره، ويواليه فيتخذه وليًّا لنفسه ونصيرًا من دون الله (٢) ="فقد خسر خسرانًا مبينًا"، يقول: فقد هلك هلاكًا، وبخس نفسه حظَّها فأوبقها بخسًا"مبينًا" = يبين عن عَطَبه وهلاكه، (٣) لأن الشيطان لا يملك له نصرًا من الله إذا عاقبه على معصيته إياه في خلافه أمرَه، بل يخذُله عند حاجته إليه. وإنما حاله معه ما دام حيًّا ممهَلا بالعقوبة، كما وصفه الله جل ثناؤه بقوله:"يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا"، يعني بذلك جل ثناؤه: يعد الشيطان المَرِيد أولياءه الذين هم نصيبُه المفروض: أن يكون لهم نصيرًا ممن أرادهم بسوء، وظهيرًا لهم عليه، يمنعهم منه ويدافع عنهم، ويمنيهم الظفر على من حاول مكروههم والفَلَج عليهم. (٤)

= ثم قال:"وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا" يقول: وما يعد الشيطان أولياءَه الذين اتخذوه وليًّا من دون الله="إلا غرورًا" يعني: إلا باطلا. (٥)

وإنما جعل عِدَته إياهم جل ثناؤه ما وعدهم"غرورًا"، لأنهم كانوا يحسبون


(١) في المطبوعة: "من الذين شاقوا ... " بزيادة"من"، والصواب حذفها كما في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "ونصيرًا دون الله" بإسقاط"من"، وهو سهو من الناسخ في عجلته، فزدتها لدلالة الآية على مكانها.
(٣) انظر تفسير"خسر" فيما سلف ١: ٤١٧ / ٢: ١٦٦، ٥٧٢ / ٦: ٥٧٠ / ٧: ٢٧٦= وتفسير"مبين" فيما سلف ص: ١٩٩ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٤) "الفلج" (بفتحتين) : الظفر والفوز والعلو على الخصم.
(٥) انظر تفسير"الغرور" فيما سلف ٧: ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>