للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يدلّ أيضًا على صحة ما قلنا في تأويل ذلك، وأنه عُني بقوله:"ليس بأمانيكم" مشركو العرب، كما قال مجاهد: إن الله وصف وعدَ الشيطان ما وعدَ أولياءهُ وأخبَر بحال وعده، ثم أتبع ذلك بصفة وعدِه الصادق بقوله:"والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا وعد الله حقًّا"، وقد ذكر جل ثناؤه مع وصفه وعد الشيطان أولياءه، تمنيتَه إياهم الأمانيّ بقوله: (١) "يعدهم ويمنيهم"، كما ذكر وعده إياهم. فالذي هو أشبهُ: أن يتبع تمنيتَه إياهم من الصفة، بمثل الذي أتبع عِدَته إياهم به من الصفة.

وإذ كان ذلك كذلك، صحَّ أن قوله:"ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به" الآية، إنما هو خبر من الله عن أماني أولياء الشيطان، وما إليه صائرة أمانيهم= مع سيئ أعمالهم من سوء الجزاء، وما إليه صائرةٌ أعمال أولياء الله من حسن الجزاء. وإنما ضمَّ جل ثناؤه أهلَ الكتاب إلى المشركين في قوله:"ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب"، لأن أماني الفريقين من تمنية الشيطان إياهم التي وعدهم أن يمنِّيهموها بقوله:"ولأضلنهم ولأمنينّهم ولآمرنهم".

القول في تأويل قوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: عنى بـ "السوء" كل معصية لله. وقالوا: معنى الآية: من يرتكب صغيرةً أو كبيرة من مؤمن أو كافر من معاصي الله، يجازه الله بها.

*ذكر من قال ذلك:


(١) في المطبوعة: "وتمنيته" بالواو، والصواب حذفها كما في المخطوطة. وذلك أن معنى الكلام ذكر تمنيتهم مع وصف وعد الشيطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>