للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل:

وممن قال ذلك أيضًا الضحاك.

١٠٥٣٨- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: فضّل الله الإسلام على كل دين فقال:"ومن أحسن دينًا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن" إلى قوله:"واتخذ الله إبراهيم خليلا"، وليس يقبل فيه عملٌ غير الإسلام، وهي الحنيفيّة.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا (١٢٥) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: واتخذ الله إبراهيم وليًّا.

* * *

فإن قال قائل: وما معنى"الخُلَّة" التي أعطِيها إبراهيم؟

قيل: ذلك من إبراهيم عليه السلام: العداوةُ في الله والبغض فيه، والولاية في الله والحب فيه، على ما يعرف من معاني"الخلة". وأما من الله لإبراهيم، فنُصرته على من حاوله بسوءٍ، كالذي فعل به إذْ أراده نمرود بما أرادَه به من الإحراق بالنار فأنقذَه منها، أو على حجته عليه إذ حاجّه= وكما فعل بملك مصر إذ أراده عن أهله (١) = وتمكينه مما أحب= وتصييره إمامًا لمن بعدَه من عباده، وقدوةً لمن خلفه في طاعته وعبادته. فذلك معنى مُخَالَّته إياه.

وقد قيل: سماه الله"خليلا"، من أجل أنه أصابَ أهلَ ناحيته جدْبٌ، فارتحل إلى خليلٍ له من أهل الموصل= وقال بعضهم: من أهل مصر= في امتيار طعام لأهله من قِبله، فلم يصب عنده حاجته. فلما قرَب من أهله مرَّ بمفازة ذات رمل، فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرمل، (٢) لئلا أغُمَّ أهلي برجوعي إليهم


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "ملك مصر" بغير باء، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) "الغرائر" جمع"غرارة" (بكسر الغين) : وهي الجوالق الذي يوضع في التبن والقمح وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>