للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهم مع ذلك يظهرون الإيمان="ثواب الدنيا"، يعني: عَرَض الدنيا، (١) بإظهارهِ مَا أظهر من الإيمان بلسانه. (٢) ="فعند الله ثواب الدنيا"، يعني: جزاؤه في الدنيا منها وثوابه فيها، وهو ما يصيبُ من المغنم إذا شَهِد مع النبي مشهدًا، (٣) وأمنُه على نفسه وذريته وماله، وما أشبه ذلك. وأما ثوابه في الآخرة، فنارُ جهنم.

* * *

فمعنى الآية: من كان من العاملين في الدنيا من المنافقين يريد بعمله ثوابَ الدنيا وجزاءَها من عمله، فإن الله مجازيه به جزاءَه في الدنيا من الدنيا، (٤) وجزاءه في الآخرة من الآخرة من العقاب والنكال. وذلك أن الله قادر على ذلك كله، وهو مالك جميعه، كما قال في الآية الأخرى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة هود: ١٥-١٦] .

* * *

وإنما عنى بذلك جل ثناؤه: الذين تَتَيَّعُوا في أمر بني أبيرق، (٥) والذين وصفهم في قوله: (وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ) [سورة النساء: ١٠٧، ١٠٨] ، ومن كان من نظرائهم في أفعالهم ونفاقهم.

* * *


(١) انظر تفسير"ثواب" فيما سلف ٢: ٤٥٨ / ٧: ٢٦٢، ٣٠٤، ٤٩٠.
(٢) في المطبوعة: "بإظهار" بغير هاء، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "وثوابه فيها هو ... "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) قوله: "مجازيه به"، كان في المخطوطة: "مجازيه بها"، وفي المطبوعة، حذف"بها"، والصواب ما أثبت.
(٥) في المطبوعة: "الذين سعوا في أمر بني أبيرق"، وفي المخطوطة، كما كتبتها غير منقوطة. يقال: "تتيع فلان في الأمر وتتايع": إذا أسرع إليه وتهافت فيه من غير فكر ولا روية. ولا يكون ذلك إلا في الشر، لا يقال في الخير. والذي في المطبوعة صواب في المعنى والسياق والخبر، ولكني تبعت رسم المخطوطة، فهو موافق أيضًا لسياق قصتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>