للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان ابن عباس يقول: لو لم يكن من الملائكة لم يُؤمر بالسجود، وكان على خِزانة سماء الدنيا، قال: وكان قتادة يقول: جَنَّ عن طاعة ربه (١) .

٦٩٤ - وحدثنا الحسين بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرَّزَّاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:"إلا إبليسَ كان من الجن" قال: كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن (٢) .

٦٩٥ - وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أما العرب فيقولون: ما الجنّ إلا كل من اجتَنَّ فلم يُرَ. وأما قوله:"إلا إبليس من كان من الجن" أي كان من الملائكة، وذلك أن الملائكة اجتنُّوا فلم يُرَوْا. وقد قال الله جل ثناؤه: (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) [سورة الصافات: ١٥٨] ، وذلك لقول قريش: إن الملائكة بناتُ الله، فيقول الله: إن تكن الملائكة بناتي فإبليس منها، وقد جعلوا بيني وبين إبليس وذريته نسبًا. قال: وقد قال الأعشى، أعشى بني قيس بن ثعلبة البكري، وهو يذكر سليمانَ بن داود وما أعطاه الله:

وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ خَالِدًا أَوْ مُعَمَّرا ... لَكَانَ سُلَيْمَانُ الْبَرِيءُ مِنَ الدَّهْرِ (٣)


(١) الأثر: ٦٩٣- لم نجده في مكان آخر.
(٢) الأثر: ٦٩٤- لم نجده أيضًا. وقال الحافظ ابن كثير ٥: ٢٩٧- بعد أن نقل كثيرًا من الآثار في مثل هذه المعاني: "وقد روى في هذا آثار كثيرة عن السلف. وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها. ومنها ما قد يقطع بكذبه، لمخالفته للحق الذي بأيدينا. وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المثقدمة، لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة. وليس لهم من الحفاظ المتقنين، الذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين- كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء، والسادة والأتقياء، والبررة والنجباء، من الجهابذة النقاد، والحفاظ الجياد. الذين دونوا الحديث وحرروه، وبينوا صحيحه، من حسنه، من ضعيفه، من منكره وموضوعه، ومتروكه ومكذوبه. وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين، +وغير ذلك من أصناف الرجال. كل ذلك صيانة للجناب النبوي، والمقام المحمدي، خاتم الرسل، وسيد البشر، صلى الله عليه وسلم-: أن ينسب إليه كذب، أو يحدث عنه بما ليس منه. فرضى الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم. وقد فعل".
(٣) ملحق ديوان الأعشى: ٢٤٣، والأضداد لابن الأنباري: ٢٩٣. ولم يعن بالدهر هاهنا الأمد الممدود، بل عني مصائب الدهر ونكباته، كما قال عدى بن زيد، وجعل مصائب الدهر هي الدهر نفسه: أَيُّهَا الشَّامِتُ المُعَيِّر بِالدَّ ... هْرِ أَأَنْتَ المبرَّأُ المَوْفُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>