قال المنافقون:"ألم نكن معكم"، قد كنا معكم فأعطونا غنيمة مثل ما تأخذون="وإن كان للكافرين نصيب"، يصيبونه من المسلمين، قال المنافقون للكافرين:"ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين"، قد كنا نثبِّطهم عنكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"ألم نستحوذ عليكم".
فقال بعضهم: معناه: ألم نغلب عليكم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٧١٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"ألم نستحوذ عليكم"، قال: نغلب عليكم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ألم نبيِّن لكم أنّا معكم على ما أنتم عليه.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٧١٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"ألم نستحوذ عليكم"، ألم نبين لكم أنّا معكم على ما أنتم عليه.
* * *
قال أبو جعفر: وهذان القولان متقاربا المعنى. وذلك أن من تأوله بمعنى:"ألم نبين لكم"، إنما أراد -أن شاء الله-: ألم نغلب عليكم بما كان منا من البيان لكم أنا معكم.
* * *
وأصل"الاستحواذ" في كلام العرب، فيما بلغنا، الغلبة، ومنه قول الله جل ثناؤه:(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) ، [سورة المجادلة: ١٩] ، بمعنى: غلب عليهم. يقال منه:"حاذ عليه واستحاذ، يحيذ ويستحيذ، وأحاذ (١)
(١) قوله: "أحاذ يحيذ"، لم أجده في معاجم اللغة، وهو صحيح في العربية، وقالوا مكانه: "أحوذ ثوبه" إذا ضمه، وجاءوا ببيت لبيد الآتي شاهدا عليه. وانظر ما سيأتي بعد بيت لبيد.