للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد دللنا فيما مضى قبل على أن"الاعتصام" التمسك والتعلق. (١) فالاعتصام بالله: التمسك بعهده وميثاقه الذي عهد في كتابه إلى خلقه، من طاعته وترك معصيته.

* * *

="وأخلصوا دينهم لله"، يقول: وأخلصوا طاعتَهم وأعمالهم التي يعملونها لله، فأرادوه بها، ولم يعملوها رئاءَ الناس، ولا على شك منهم في دينهم، وامتراءٍ منهم في أن الله محصٍ عليهم ما عملوا، فمجازي المحسن بإحسانه، (٢) والمسيء بإساءته= ولكنهم عملوها على يقين منهم في ثواب المحسن على إحسانه، وجزاء المسيء على إساءته، أو يتفضَّل عليه ربه فيعفو= متقرِّبين بها إلى الله، مريدين بها وجه الله. فذلك معنى:"إخلاصهم لله دينهم".

= ثم قال جل ثناؤه:"فأولئك مع المؤمنين"، يقول: فهؤلاء الذين وصف صفتَهم من المنافقين بعد توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم= أي: مع المؤمنين في الجنة، (٣) لا مع المنافقين الذين ماتوا على نفاقهم، الذين أوعدهم الدَرَك الأسفل من النار.

= ثم قال:"وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرًا عظيمًا"، يقول: وسوف يُعطي الله هؤلاء الذين هذه صفتهم، (٤) على توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم له، وعلى إيمانهم، (٥) ثوابًا عظيمًا (٦) = وذلك: درجات في الجنة، كما أعطى الذين ماتوا على النِّفاق منازل في النار، وهي السفلى منها. لأن الله جل ثناؤه وعد عباده المؤمنين أن يؤتيهم على إيمانهم ذلك، كما أوعد المنافقين على نفاقهم


(١) انظر تفسير"الاعتصام" فيما سلف ٨: ٦٢، ٦٣، ٧٠.
(٢) في المطبوعة: "فيجازي" وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "وإخلاصهم له مع المؤمنين.."، وأثبت الصواب من المخطوطة، ولا معنى لتبديله.
(٤) انظر تفسير"آتى" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: "على إيمانهم" بغير واو، والصواب إثباتها.
(٦) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف ص: ٢٠٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>