للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولهم:"نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض"="سبيلا"، يعني: طريقًا إلى الضلالة التي أحدثوها، والبدعة التي ابتدعوها، يدعون أهل الجهل من الناس إليه. (١)

فقال جل ثناؤه لعباده، منبهًا لهم على ضلالتهم وكفرهم:"أولئك هم الكافرون حقًّا"، يقول: أيها الناس، هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم، هم أهل الكفر بي، المستحقون عذابي والخلود في ناري حقًّا. فاستيقنوا ذلك، ولا يشككنَّكم في أمرهم انتحالهم الكذب، ودعواهم أنهم يقرُّون بما زعموا أنهم به مقرُّون من الكتب والرسل، فإنهم في دعواهم ما ادعوا من ذلك كَذَبَةٌ. وذلك أن المؤمن بالكتب والرسل، هو المصدّق بجميع ما في الكتاب الذي يزعم أنه به مصدق، وبما جاء به الرسول الذي يزعم أنه به مؤمن. فأما من صدّق ببعض ذلك وكذَّب ببعض، فهو لنبوة من كذب ببعض ما جاء به جاحد، ومن جحد نبوة نبي فهو به مكذب. وهؤلاء الذين جحدوا نبوة بعض الأنبياء، وزعموا أنهم مصدقون ببعض، مكذبون من زعموا أنهم به مؤمنون، لتكذيبهم ببعض ما جاءهم به من عند ربهم، فهم بالله وبرسله= الذين يزعمون أنهم بهم مصدقون، والذين يزعمون أنهم بهم مكذبون= كافرون، (٢) فهم الجاحدون وحدانية الله ونبوّة أنبيائه حق الجحود، المكذبون بذلك حق التكذيب. فاحذروا أن تغتروا بهم وببدعتهم، فإنا قد أعتدنا لهم عذابًا مهينًا.

* * *

وأما قوله:"وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا"، فإنه يعني:"وأعتدنا" لمن جحد بالله ورسوله جحودَ هؤلاء الذين وصفت لكم، أيها الناس، أمرَهم من أهل الكتاب، ولغيرهم من سائر أجناس الكفار (٣) ="عذابًا"، في الآخرة="مهينًا"،


(١) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) سياق هذه الجملة: "فهم بالله وبرسله ... كافرون"، وما بينها فصل في صفة هؤلاء الرسل.
(٣) انظر تفسير"أعتد" فيما سلف ٨: ١٠٣، ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>