للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بظاهر التلاوة، أن تكون مسألتهم إياه ذلك كانت مسألة لتنزيل الكتاب الواحد إلى جماعتهم، (١) لذكر الله تعالى في خبره عنهم"الكتاب" بلفظ الواحد بقوله:"يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء"، (٢) ولم يقل"كتبًا".

* * *

وأما قوله:"فقد سألوا موسى أكبر من ذلك"، فإنه توبيخ من الله جل ثناؤه سائلي الكتابَ الذي سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزله عليهم من السماء، في مسألتهم إياه ذلك= وتقريعٌ منه لهم. يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا يعظُمَنَّ عليك مسألتهم ذلك، فإنهم من جهلهم بالله وجراءَتهم عليه واغترارهم بحلمه، لو أنزلت عليهم الكتاب الذي سألوك أن تنزله عليهم، لخالفوا أمر الله كما خالفوه بعد إحياء الله أوائلهم من صعقتهم، فعبدوا العجل واتخذوه إلهًا يعبدونه من دون خالقهم وبارئهم الذي أرَاهم من قدرته وعظيم سلطانه ما أراهم، لأنهم لن يعدُوا أن يكونوا كأوائلهم وأسلافهم.

* * *

ثم قصّ الله من قصتهم وقصة موسى ما قصَّ، يقول الله:"فقد سألوا موسى أكبرَ من ذلك"، يعني: فقد سأل أسلافُ هؤلاء اليهود وأوائلهم موسى عليه السلام، أعظم مما سألوك من تنزيل كتاب عليهم من السماء، فقالوا له:"أرنا الله جهرة"، أي: عِيانًا نعاينه وننظر إليه.

* * *

وقد أتينا على معنى"الجهرة"، بما في ذلك من الرواية والشواهد على صحة ما قلنا في معناه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٣)

* * *

وقد ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول في ذلك، بما:-


(١) في المطبوعة: "لينزل الكتاب"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "يقول: يسألك ... "، والصواب من المخطوطة.
(٣) انظر تفسير"جهرة" فيما سلف ٢: ٨٠-٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>