للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:"من بعد ما جاءتهم البينات"، يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوا، البينات من الله، والدلالاتُ الواضحات بأنهم لن يروا الله عيانًا جهارًا.

وإنما عنى بـ "البينات": أنها آيات تبين عن أنهم لن يروا الله في أيام حياتهم في الدنيا جهرة. (١) وكانت تلك الآيات البينات لهم على أن ذلك كذلك: إصعاقُ الله إياهم عند مسألتهم موسى أن يريهم ربه جهرة، ثم إحياءه إياهم بعد مماتهم، مع سائر الآيات التي أراهم الله دلالةً على ذلك.

* * *

= يقول الله، مقبِّحًا إليهم فعلهم ذلك، وموضحًا لعباده جهلهم ونقصَ عقولهم وأحلامهم: ثم أقرُّوا للعجل بأنه لهم إله، وهم يرونه عيانًا، وينظرون إليه جِهَارًا، بعد ما أراهم ربهم من الآيات البينات ما أراهم: أنهم لا يرون ربهم جهرة وعِيانًا في حياتهم الدنيا، فعكفوا على عبادته مصدِّقين بألوهته!!

* * *

وقوله:"فعفونا عن ذلك"، يقول: فعفونا لعبدة العجل عن عبادتهم إياه، (٢) وللمصدقين منهم بأنه إلههم بعد الذي أراهم الله أنهم لا يرون ربهم في حياتهم من الآيات ما أراهم= عن تصديقهم بذلك، (٣) بالتوبة التي تابوها إلى ربّهم بقتلهم أنفسهم، وصبرهم في ذلك على أمر ربهم="وآتينا موسى سلطانًا مبينًا"، يقول: وآتينا موسى حجة تبين عن صدقه، وحقيقة نبوّته، (٤) وتلك الحجة هي: الآيات البينات التي آتاه الله إياها. (٥)

* * *


(١) انظر تفسير"البينات" فيما سلف ٧: ٤٥٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"العفو" فيما سلف ص: ٣٥١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) السياق: "فعفونا لعبدة العجل ... عن تصديقهم بذلك".
(٤) في المطبوعة: "وحقية نبوته"، غير ما في المخطوطة عن وجهه، ظنًا منه أنه خطأ، وقد أشرنا إلى مثل ذلك من فعله فيما سلف ص: ٣٣٦، تعليق: ٤، وما سيأتي بعد قليل ص: ٣٦٣، تعليق ٢.
(٥) انظر تفسير"الإيتاء" فيما سلف من فهارس اللغة.
وتفسير"السلطان" فيما سلف ٧: ٢٧٩ / ٩: ٣٣٦، ٣٣٧.
وتفسير"مبين" فيما سلف ص: ٣٣٦ تعليق: ٣، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>