وقال آخرون: بل قالوا= لما أنزل الله الآيات التي قبل هذه في ذكرهم=:"ما أنزل الله على بشر من شيء، ولا على موسى، ولا على عيسى"! فأنزل الله جل ثناؤه: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) ، [سورة الأنعام: ٩١] ، ولا على موسى ولا على عيسى.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٨٤١- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: أنزل الله:"يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء" إلى قوله:"وقولهم على مريم بهتانًا عظيمًا"، فلما تلاها عليهم= يعني: على اليهود= وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة، جحدوا كل ما أنزل الله، وقالوا:"ما أنزل الله على بشر من شيء، ولا على موسى ولا على عيسى!! وما أنزل الله على نبي من شيء"! قال: فحلَّ حُبْوَته وقال: (١) ولا على أحد!! فأنزل الله جل ثناؤه: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ)[سورة الأنعام: ٩١]
* * *
وأما قوله:"وآتينا داود زبورًا"، فإن القرأة اختلفت في قراءته.
فقرأته عامة قرأة أمصار الإسلام، غير نفر من قرأة الكوفة:(وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا) ، بفتح"الزاي" على التوحيد، بمعنى: وآتينا داود الكتاب المسمى"زبورًا".
* * *
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين:(وَآتَيْنَا دَاوُدَ زُبُورًا) ، بضم"الزاي" جمع"زَبْرٍ".
كأنهم وجهوا تأويله: وآتينا داود كتبًا وصحفًا مَزْبورة.
* * *
(١) "الحبوة" (بضم الحاء وفتحها، وسكون الباء) : الثوب الذي يحتبى به. و"الاحتباء": أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها. وقد يكون"الاحتباء" باليدين عوض الثوب.