للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالأول. وقال: ألا ترى أنك ترى الكناية عن الأمر تصلح قبل الخبر، فتقول للرجل:"اتق الله هو خير لك"، أي: الاتقاء خير لك. وقال: ليس نصبه على إضمار"يكن"، لأن ذلك يأتي بقياس يُبْطل هذا. ألا ترى أنك تقول:"اتق الله تكن محسنًا"، ولا يجوز أن تقول:"اتق الله محسنًا"، وأنت تضمر"كان"، ولا يصلح أن تقول:"انصرنا أخانا"، وأنت تريد:"تكن أخانا"؟ (١) وزعم قائل هذا القول أنه لا يجيز ذلك إلا في"أفعل" خاصة، (٢) فتقول:"افعل هذا خيرًا لك"، و"لا تفعل هذا خيرًا لك"، و"أفضل لك" ولا تقول:"صلاحًا لك". وزعم أنه إنما قيل مع"أفعل"، لأن"أفعل" يدل على أن هذا أصلح من ذلك.

* * *

وقال بعض نحويي البصرة: نصب"خيرًا"، لأنه حين قال لهم:"آمنوا"، أمرهم بما هو خيرٌ لهم، فكأنه قال: اعملوا خيرًا لكم، وكذلك: (انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ) [سورة النساء: ١٧١] . قال: وهذا إنما يكون في الأمر والنهي خاصة، ولا يكون في الخبر= لا تقول:"أن أنتهي خيرًا لي"؟ (٣) ولكن يرفع على كلامين، لأن الأمر والنهي يضمر فيهما= فكأنك أخرجته من شيء إلى شيء، لأنك حين قلت له:"انته"، (٤) كأنك قلت له:"اخرج من ذا، وادخل في آخر"، (٥) واستشهد بقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة:


(١) من أول قوله: "ألا ترى أنك ترى الكناية ... " إلى هذا الموضع، هو نص كلام الفراء في معاني القرآن ١: ٢٩٥، ٢٩٦. فظاهر إذن أن هذه مقالة الفراء، ما قبل هذا، وما بعده. إلا أني لم أجده في هذا الموضع من معاني القرآن، فلعل أبا جعفر جمعه من كتابه في مواضع أخر، عسى أن أهتدي إليها فأشير إليها بعد.
(٢) في المخطوطة: "أفعال خاصة"، وهو خطأ ظاهر.
(٣) في المطبوعة: "أنا أنتهي" والصواب من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "اتقه" بالقاف، والصواب"انته"، لأن المثال قبله: "أن أنتهي خيرًا لي".
(٥) في المخطوطة"وأخرج في آخر"، خطأ ظاهر.
وهذا القول الذي ذكره هو قول سيبويه في الكتاب ١: ١٤٣، وبسط القول فيه، واختصره أبو جعفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>