وقد وقع هنا في نسخ الطبري خطأ من الناسخين، بحذف واو العطف قبل قوله "عن ابن أبي ليلى عن الحكم". ولذلك زدناها بعلامة الزيادة [و] . بأنا على يقين أن حذفها يجعله إسنادًا واحدًا، ويكون إسنادًا مضطربًا لا يفهم. والذي أوقع الناسخين في الخطأ، والذي يوقع القارئ في الاشتباه والاضطراب، تكرار "عن ابن أبي ليلى" في الإسناد. وهما اثنان، بل ثلاثة: فالأول صرح باسمه فيه، وهو: "عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى"، والثاني: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" عم عيسى، والثالث: "عبد الرحمن بن أبي ليلى" التابعي. فالطبري روى هذا الحديث عن أبي كريب محمد بن العلاء عن وكيع بن الجراح. ثم يفترق الإسنادان فوق وكيع: فرواه وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد "عن عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى"، وهو "عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى". ورواه وكيع أيضًا "عن ابن أبي ليلى"، وهو "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى"، عن الحكم، وهو "الحكم بن عتيبة". ثم يجتمع الإسنادان مرة أخرى: فيرويه "عبد الله بن عيسى" عن جده "عبد الرحمن بن أبي ليلى" عن أبي بن كعب، كالإسنادين الماضيين ٣٠،٣١. وهو إسناد متصل. ويرويه الحكم بن عتيبة عن "ابن أبي ليلى"، وهو "عبد الرحمن" عن أبي بن كعب، وهذا إسناد ظاهره الاتصال، إلا أن فيه شبهة الانقطاع، لأن الحكم بن عتيبة وإن كان يروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى كثيرًا، إلا أنه في هذا الحديث بعينه رواه عنه بواسطة مجاهد، كما سيأتي في الأسانيد رقم: ٣٤-٣٧، وفيما سنذكر هناك إن شاء الله من التخريج. ومن المحتمل جدًا أن يكون الحكم سمعه من عبد الرحمن بن أبي ليلى نفسه، وسمعه من مجاهد عنه، فرواه على الوجهين. وهذا كثير في الرواية، معروف مثله عند أهل العلم. وإذا لم يكن الحكم سمعه من "عبد الرحمن بن أبي ليلى"، فتكون الرواية التي هنا -كالرواية التالية رقم: ٣٣- خطأ من "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى"، فإنه وإن كان فقيها صدوقًا، إلا أنه "كان سيئ الحفظ مضطرب الحديث"، كما قال الإمام أحمد بن حنبل وغيره. وليعلم أن "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" كان أصغر من ابن أخيه "عبد الله بن عيسى ابن أبي ليلى"، وكان يروي عنه، ولا يروي عن أبيه "عبد الرحمن" إلا بالواسطة، وأما ابن أخيه "عبد الله بن عيسى" فقد أدرك جده وروى عنه مباشرة. وعلى كل حال فالحديث صحيح بالروايات المتصلة، ولا تؤثر في صحته رواية محمد بن عبد الرحمن إن ظهر عدم اتصالها. (٢) الحديث ٣٣- إسناده كالإسناد قبله: "ابن أبي ليلى"، هو "محمد بن عبد الرحمن" يرويه عن أبيه "عبد الرحمن" بواسطة "الحكم بن عتيبة". وأما "عبد الله" شيخ أبي كريب، فالظاهر عندي أنه "عبد الله بن نمير"، إذ روايته عن محمد بن عبد الرحمن أبي ليلى ثابتة عندي في المسند في حديث آخر، هو الحديث رقم: ٢٨٠٩ هناك. (٣) الحديث ٣٤- إسناده صحيح. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان البصري وهو وأبوه من الأعلام الثقات. محمد بن جحادة - بضم الجيم وتخفيف الحاء المهملة، ثقة عابد زاهد من أتباع التابعين. وهذا الحديث مختصر، وسيأتي عقبه مطولا بثلاثة أسانيد رقم: ٣٥، ٣٦، ٣٧، من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة. وسيأتي مطولا أيضًا رقم: ٤٦ من طريق عبد الوارث عن محمد بن جحادة. ورواه أحمد في المسند ٥: ١٢٨، مطولا أيضًا، من طريق عبد الوارث.