للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورفعت"الثلاثة"، بمحذوف دلّ عليه الظاهر، وهو"هم". ومعنى الكلام: ولا تقولوا هم ثلاثة. وإنما جاز ذلك، لأن"القول" حكاية، والعرب تفعل ذلك في الحكاية، ومنه قول الله: (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، [سورة الكهف: ٢٢] . وكذلك كل ما ورد من مرفوع بعد"القول" لا رافع معه، ففيه إضمار اسم رافع لذلك الاسم.

* * *

ثم قال لهم جل ثناؤه: متوعدًا لهم في قولهم العظيم الذي قالوه في الله:"انتهوا"، أيها القائلون: الله ثالث ثلاثة، عما تقولون من الزور والشرك بالله، فإن الانتهاء عن ذلك خير لكم من قِيله، لما لكم عند الله من العقاب العاجل لكم على قِيلكم ذلك، إن أقمتم عليه، ولم تُنيبوا إلى الحق الذي أمرتكم بالإنابة إليه= والآجلِ في معادكم. (١)

* * *

القول في تأويل قوله: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (١٧١) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله:"إنما الله إله واحد"، ما الله، أيها القائلون: الله ثالث ثلاثة، كما تقولون، لأن من كان له ولد، فليس بإله. وكذلك من كان له صاحبة، فغير جائز أن يكون إلهًا معبودًا. ولكن الله الذي له الألوهة والعبادة، إله واحد معبود، لا ولد له، ولا والد، ولا صاحبة، ولا شريك.

ثم نزه جل ثناؤه نفسه وعظَّمها ورفعها عما قال فيه أعداؤه الكَفرة به فقال:"سبحانه أن يكون له ولد"، يقول: علا الله وجل وعز وتعظمَّ وتنزه عن أن يكون له ولد أو صاحبة. (٢)


(١) قوله: "والآجل في معادكم" معطوف على قوله: "من العقاب العاجل لكم ... "
(٢) انظر تفسير"سبحان" فيما سلف ١: ٤٧٤-٤٧٦، ٤٩٥ / ٢: ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>