للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإثْمٍ}

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حَرَّمتُ عليه منكم، أيها المؤمنون، من الميتة، والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية ="غير متجانف لإثم"، يقول: لا متجانفًا لإثم. (١)

= فلذلك نصب"غير" لخروجها من الاسم الذي في قوله:"فمن اضطر" (٢) وهي بمعنى:"لا"، فنصب بالمعنى الذي كان به منصوبًا"المتجانف"، لو جاء الكلام:"لا متجانفًا". (٣)

* * *

وأما"المتجانف لإثم"، فإنه المتمايل له، المنحرف إليه. وهو في هذا الموضع مراد به المتعمِّد له، القاصد إليه، من"جَنَف القوم عليّ"، إذا مالوا. وكل أعوج فهو"أجنف"، عند العرب.

* * *

وقد بينا معنى"الجنف" بشواهده في قوله: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا) [سورة البقرة: ١٨٢] ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)

* * *

وأما تجانف آكل الميتة في أكلها وفي غيرها مما حرم الله أكله على المؤمنين


(١) في المطبوعة: "إلا متجانفًا" فأفسد المعنى إفسادًا، والصواب من المخطوطة، وفيها: "لا متجانف"، والصواب ما أثبت.
(٢) "الخروج"، الحال، كما سلف في فهارس المصطلحات.
(٣) في هذين الموضعين أيضًا في المطبوعة: "وهي بمعنى: إلا" ثم: "لو جاء الكلام: إلا متجانفًا"، وهو خطأ محض، والصواب ما أثبته من المخطوطة.
وانظر تفسير"غير" بمعنى"لا" فيما سلف ٣: ٣٢٢، في تفسير قوله تعالى من سورة البقرة: ١٧٣: "غير باغ ولا عاد"، بمعنى: لا باغيًا ولا عاديًا = منصوبًا على الحال.
(٤) انظر تفسير"الجنف" فيما سلف ٣: ٤٠٥-٤٠٨.
= وتفسير"الإثم" فيما سلف من فهارس اللغة، مادة (أثم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>