للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}

قال أبو جعفر: وأما تأويل قوله"فأخرجهما"، فإنه يعني: فأخرج الشيطانُ آدمَ وزوجته،"مما كانا"، يعني مما كان فيه آدمُ وزوجته من رغد العيش في الجنة، وسعة نعيمها الذي كانا فيه. وقد بينا أن الله جل ثناؤه إنما أضاف إخراجهما من الجنة إلى الشيطان - وإن كان الله هو المخرجَ لهما - لأن خروجهما منها كان عن سبب من الشيطان، فأضيف ذلك إليه لتسبيبه إياه (١) كما يقول القائل لرجل وَصل إليه منه أذى حتى تحوّل من أجله عن موضع كان يسكنه:"ما حوَّلني من موضعي الذي كنت فيه إلا أنت"، ولم يكن منه له تحويل، ولكنه لما كان تحوّله عن سبب منه، جازَ له إضافة تحويله إليه.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}

قال أبو جعفر: يقال هَبط فلان أرضَ كذا وواديَ كذا، إذا حلّ ذلك (٢) كما قال الشاعر:

مَا زِلْتُ أَرْمُقُهُمْ، حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ ... أَيْدِي الرِّكَابِ بِهِمْ مِنْ رَاكِسٍ فَلَقَا (٣)


(١) في المطبوعة: "وأضيف ذلك. . . ".
(٢) لعل صواب العبارة: "إذا حل ذلك الموضع"، فسقطت كلمة من الناسخين.
(٣) البيت لزهير بن أبي سلمى، ديوانه: ٣٧، أرمقهم: يعني أحبابه الراحلين، وينظر إليهم حزينًا كئيبًا، والركاب: الإبل التي يرحل عليها. وراكس: واد في ديار بني سعد بن ثعلبة، من بني أسد. وفلق وفالق: المطمئن من الأرض بين ربوتين أو جبلين أو هضبتين، وقالوا: فالق وفلق، كما قالوا: يابس ويبس (بفتحتين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>