وكان الفراء يقول:"العَزْر" الردُّ"عَزَرته"، رددته: إذا رأيته يظلم فقلت:"اتق الله" أو نهيته، فذلك"العزر".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب، قول من قال:"معنى ذلك: نصرتموهم". وذلك أن الله جل ثناؤه قال في"سورة الفتح": (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)[سورة الفتح: ٨، ٩] فـ"التوقير" هو التعظيم. وإذْ كان ذلك كذلك كان القول في ذلك إنما هو بعضُ ما ذكرنا من الأقوال التي حكيناها عمن حكينا عنه. وإذا فسد أن يكون معناه: التعظيم= وكان النصر قد يكون باليد واللسان، فأما باليد فالذبُّ بها عنه بالسيف وغيِره، وأما باللسان فحُسْن الثناء، والذبّ عن العرض= صحَّ أنه النصر، إذ كان النصر يحوي معنى كلِّ قائلٍ قال فيه قولا مما حكينا عنه.
* * *
وأما قوله:"وأقرضتم الله قرضا حسنًا" فإنه يقول: وأنفقتم في سبيل الله، وذلك في جهاد عدوه وعدوكم="قرضا حسنًا" يقول: وأنفقتم ما أنفقتم في سبيله، فأصبتم الحق في إنفاقكم ما أنفقتم في ذلك، ولم تتعدوا فيه حدودَ الله وما ندبكم إليه وحثَّكم عليه إلى غيره. (١)
* * *
فإن قال لنا قائل: وكيف قال:"وأقرضتم الله قرضا حسنا" ولم يقل:"إقراضا حسنًا"، وقد علمت أن مصدر"أقرضت""الإقراض"؟
قيل: لو قيل ذلك كان صوابا، ولكن قوله:"قرضًا حسنًا" أخرج
(١) انظر تفسير"القرض"، و"القرض الحسن" فيما سلف ٥: ٢٨٢، ٢٨٣، = وقوله: "إلى غيره" متعلق بقوله"ولم تتعدوا فيه ... ".