للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما سائر بني آدم مجزيُّون بإحسانهم، وإن أسأتم جوزيتم بإساءتكم، كما غيركم مجزيٌّ بها، ليس لكم عند الله إلا ما لغيركم من خلقه، فإنه يغفر لمن يشاء من أهل الإيمان به ذنوبَه، فيصفح عنه بفضله، ويسترها عليه برحمته، فلا يعاقبه بها.

* * *

وقد بينا معنى"المغفرة"، في موضع غير هذا بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (١) .

* * *

="ويعذب من يشاء" يقول: ويعدل على من يشاء من خلقه فيعاقبه على ذنوبه، ويفضَحه بها على رءوس الأشهاد فلا يسترها عليه.

* * *

وإنما هذا من الله عز وجل وعيد لهؤلاء اليهود والنصارى المتّكلين على منازل سَلَفهم الخيارِ عند الله، الذين فضلهم الله جل وعز بطاعتهم إياه، واجتباهم لمسارعتهم إلى رضاه، (٢) واصطبارهم على ما نابهم فيه. (٣) يقول لهم: لا تغتروا بمكان أولئك مني ومنازلهم عندي، فإنهم إنما نالوا ما نالوا منّي بالطاعة لي، وإيثار رضاي على محابِّهم= (٤) لا بالأماني، فجدُّوا في طاعتي، وانتهوا إلى أمري، وانزجروا عما نهيتُهم عنه، فإني إنما أغفر ذنوب من أشاء أن أغفر ذنوبه من أهل طاعتي، وأعذّب من أشاء تعذيبه من أهل معصيتي= (٥) لا لمن قرَّبتْ زُلْفَةُ آبائه مني، وهو لي عدوّ، ولأمري ونهيي مخالفٌ.

* * *


(١) انظر ما سلف ٢: ١٠٩، ١١٠، ثم سائر فهارس اللغة.
(٢) في المطبوعة: "واجتنابهم معصيته لمسارعتهم"، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة، وزاد"معصيته" لتستقيم له قراءته. و"الاجتباء": الاصطفاء والاختيار.
(٣) في المخطوطة: "إلى ما نابهم فيه"، والجيد ما في المطبوعة.
(٤) يقول: "نالوا ما نالوا مني بالطاعة لي.. لا بالأماني". هكذا السياق.
(٥) يقول: "فإني أغفر ذنوب من أشاء.. لا لمن قربت زلفة آبائه مني"، هكذا السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>