يسقيهم، فأتى بحجر الطور، وهو حجر أبيض، إذا ما نزل القوم ضربه بعصاه، فيخرج منه اثنتا عشرة عينًا، لكل سبط منهم عَيْنٌ، قد علم كل أناس مشربهم. حتى إذا خَلَت أربعون سنة، وكانت عذابًا بما اعتدوا وعصوا، أوحى إلى موسى: أنْ مُرْهم أن يسيروا إلى الأرض المقدسة، فإن الله قد كفاهم عدوَّهم، وقل لهم إذا أتوا المسجد: أن يأتوا الباب، ويسجدوا إذا دخلوا، ويقولوا:"حطة"= وإنما قولهم:"حطة"، أن يحطَّ عنهم خطاياهم= فأبى عامة القوم وعصوا، وسجدوا على خدِّهم، وقالوا:"حنطة"، فقال الله جل ثناؤه:(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ إِلَى بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)[سورة البقرة: ٥٩] . (١)
* * *
وقال آخرون: بل الناصب لِـ"الأربعين"،"يتيهون في الأرض". قالوا: ومعنى الكلام: قال، فإنَّها محرمة عليهم أبدًا، يتيهون في الأرض أربعين سنة. قالوا: ولم يدخُل مدينة الجبَّارين أحد ممن قال:"إنا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون"، وذلك أن الله عز ذكره حرَّمها عليهم. قالوا: وإنما دخلها من أولئك القوم يُوشع وكلاب، اللذان قالا لهم:"ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون"، وأولادُ الذين حرَّم الله عليهم دخولها، فتيَّههم الله فلم يدخلها منهم أحدٌ.
ذكر من قال ذلك:
١١٦٩١ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا سليمان بن حرب قال، حدثنا أبو هلال، عن قتادة في قول الله جل وعزّ:"إنها محرمة عليهم"، قال: أبدًا.
١١٦٩٢ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سليمان بن حرب قال، حدثنا أبو هلال، عن قتادة في قول الله:"يتيهون في الأرض"، قال: أربعين سنة.
١١٦٩٣ - حدثنا المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا هارون
(١) الأثر: ١١٦٩٠- كأن هذا هو الأثر الذي ذكر أبو جعفر إسناده ولم يتمه فيما مضى رقم: ٩٩٣. فلا أدري أفعل ذلك اختصارا، أم سقط الخبر من هناك.